باخرام مرتزاليف يعيش حالة إحباط متزايدة مع استمرار ابتعاده عن الحلبة لأكثر من عام.
فبعد مرور عامٍ كامل على فوزه الكبير على تيم تسزيو، لا يزال البطل الروسي بلا نزالٍ جديد ولا خصمٍ واضح يلوح في الأفق.
مرّ الأحد الماضي ليصادف مرور عامٍ كامل على الانتصار الأهم في مسيرة الروسي باخرام مرتزاليف.
ففي 19 أكتوبر 2024 بمدينة أورلاندو – فلوريدا، صدم مرتزاليف عالم الملاكمة حين
سحق الأسترالي تيم تسزيو، الذي كان المرشح الأوفر حظًا بنسبة 7 مقابل 1 للفوز، لكنه سقط أمام قوة الروسي المدمّرة.
مرتزاليف، الأطول قامة والأقوى تسديدًا، أسقط تيم تسزيو أربع مرات — ثلاثًا في الجولة الثانية ومرة في الثالثة — قبل أن يُجبر مدرب الأسترالي، إيغور غولوبوف، على إلقاء المنشفة لإنهاء المعاناة.
جاء ذلك الانتصار ضمن الدفاع الأول المميز لمرتزاليف عن لقبه في الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF) لفئة الوزن الخفيف المتوسط، وهو اللقب الذي كان قد انتزعه قبل ستة أشهر بإسقاطه الألماني
جاك كولكاي في الجولة الحادية عشرة في برلين.
تلك الليلة غادر مرتزاليف وفريقه فندق “كاريبي رويال” وهم يعتقدون أن أمامهم قائمة طويلة من الخصوم المثيرين في أحد أكثر الأوزان ازدحامًا بالمواهب.
لكن الواقع كان عكس ذلك — فمنذ ذلك الانتصار المذهل، لم يخض مرتزاليف أي نزال.
تقول كاثي دوفا، الرئيسة التنفيذية لشركة Main Events والمروّجة لمرتزاليف، إنها ظنت أنها أتمّت صفقة لمواجهة
فيرجيل أورتيز جونيور في إحدى بطولات موسم الرياض مطلع هذا العام، لكنها فوجئت بأن أورتيز رفض العرض.
بعد ذلك، كانت دوفا تعتقد أن البطل الروسي سيدافع عن لقبه أمام
إريكسون لوبيـن، غير أن الأخير انسحب من المفاوضات قبل جلسة المناقصة الرسمية، بعد أن
قرر بدلًا من ذلك خوض نزال أمام فيرجيل أورتيز على لقب WBC المؤقت في 8 نوفمبر المقبل، بصالة ديكيس أرينا في تكساس.
يُعد فيرجيل أورتيز (23 انتصارًا دون هزيمة، 21 بالضربة القاضية) المصنف الأول في وزن الخفيف المتوسط وفقاً لتصنيف مجلة ذا رينج، بينما يحتل باخرام مرتزاليف (23 انتصارًا دون هزيمة، 17 بالضربة القاضية) المركز الرابع، ويأتي إريكسون لوبيـن (27 انتصارًا مقابل هزيمتين، 19 بالضربة القاضية) في المركز الخامس.
دوفا عبّرت عن خيبة أملها الكبيرة لمجلة
ذا رينج قائلة:
“كنا نظن أن حصول باخرام على اللقب في فئة مزدحمة بالمواهب سيجعل الفرص تنهال علينا، وأن الأبطال سيتسابقون لتوحيد الأحزمة. لكن لا أحد يريد فعل ذلك.”
وأضافت: “تخيّل أن لوبيـن رفض نزالًا على اللقب ليقاتل خصمًا بلا لقب! أعلم أن [أورتيز] يملك حزامًا مؤقتًا، لكن هل يُعد ذلك لقبًا حقيقيًا؟”
من جانبه، أوضح لوبيـن أنه اختار مواجهة أورتيز لأنها
تحظى بقدرٍ أكبر من الشهرة وتوفر عائدًا ماليًا أعلى، ورغم رغبة لوبيـن القوية في أن يصبح بطلًا عالميًا، فإن الاعتبارات الاقتصادية البسيطة دفعته في اتجاهٍ مختلف — حتى بعد أن
أسقط أردريل هولمز جونيور (17 انتصارًا مقابل هزيمة واحدة، 6 بالضربة القاضية) بالضربة القاضية في الجولة الحادية عشرة من نزال التصفيات على لقب الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF) الذي أُقيم في 10 مايو بمدينة كيسيمي بولاية فلوريدا.
الإنجليزي
جوش كيلي (17 انتصارًا -هزيمة واحدة، 11 بالضربة القاضية) أبدى اهتمامًا بمواجهة مرتزاليف، لكن الاتفاق المالي لم يُحسم بعد.
الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF) حدد موعدًا لمناقصة النزال، لكن كيلي قد يرفض نسبة التوزيع %85 لمرتزاليف مقابل
% 15 له، إذ إنه ليس المصنف الأول رسميًا.
يُشار إلى أن هذا المركز ظلّ شاغرًا منذ قرر لوبيـن الانسحاب من تصنيفات الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF).
مدرب مرتزاليف روما كالانتاريان أبدى إحباطه هو الآخر:
“الكل يتحدث أمام الكاميرات، لكن لا أحد يريد القتال. باخرام يتدرب منذ عام كامل ويستعد لكل نزالٍ يُقال له إنه قريب، لكن لا شيء يحدث. الجميع يقول نعم... إلى أن يحين وقت توقيع العقد.”
إضافة إلى غياب الخصوم، فإن ضعف شهرة مرتزاليف في السوق الأمريكية وعدم وجود عقدٍ ترويجي مع شبكة بث أو منصة رقمية، جعلا تحريك ملف نزالاته أكثر صعوبة.
وتزداد الأمور تعقيدًا مع اقتراب شهر رمضان (ابتداءً من 17 فبراير المقبل)، إذ إن مرتزاليف، المعروف بتديّنه، يرفض التدريب أو القتال خلال الشهر المبارك.
أوضح المدرب روبرت غارسيا، المشرف على تدريب فيرجيل أورتيز، أن قواعد الاتحاد الدولي للملاكمة الخاصة بحدود إعادة الترطيب (rehydration limit) كانت السبب في استبعاد مرتزاليف من قائمة خصوم أورتيز المحتملين.
فالاتحاد الدولي (IBF) يفرض على الأبطال والمنافسين ألّا يتجاوز وزنهم 10 أرطال فوق الحدّ المحدد للفئة عند ميزان اليوم الثاني، على عكس اتحادات أخرى مثل WBA وWBC وWBO التي لا تلتزم بهذه القاعدة.
علّق مرتزاليف على ذلك قائلًا:
“لا أعتقد أن المشكلة في قاعدة الترطيب أو غيرها. كل الأمر يتعلّق بالمال.
ربما لا يحصلون على أجرٍ كافٍ لخوض نزال كهذا، ولهذا لا يريدون مواجهتي.
أما أنا، فلا مشكلة لديّ في القتال ضد أي أحد، أيًا كان.”
ترى دوفا أن الارتفاع الكبير في مكافآت الملاكمين والمروّجين خلال بطولات موسم الرياض في السعودية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة أضعف قيمة الألقاب العالمية، وجعل من الصعب تنظيم نزالات تنافسية.
“الناس لم يعودوا يريدون الألقاب،” تقول دوفا.
"الأمر محبط للغاية، لكنها الحقيقة اليوم. مثل هذه المواقف ستتكرر كثيرًا، فالمشكلة لم تعد تخص باخرام وحده، بل هي انعكاس لطبيعة السوق الحديثة — الجميع يبحث عن المكاسب الضخمة، وإن لم يحصلوا عليها، يفضلون الابتعاد عن القتال."
وأضافت:
"أكنّ احترامًا كبيرًا لباخرام، لأنه كان واضحًا في موقفه: مستعد لمواجهة أي خصم طالما سيحافظ على لقبه.
رغم العروض المالية الضخمة التي تلقاها للعودة إلى روسيا وخوض نزالات هناك، رفضها جميعًا لأنه لا يريد خسارة لقبه العالمي.
يفضّل أن يخوض نزالًا صعبًا مقابل أجرٍ أقل، بدلًا من نزالٍ سهل بأموالٍ طائلة.”
كيث إيديك هو كاتب كبير ومحلل في مجلة ذا رينج. يمكن التواصل معه عبر منصة X على الحساب idecboxing@.