إذا قابلت جورج تاهدوآنيباه هذه الأيام، قد لا يخطر ببالك أن المدير التنفيذي البالغ من العمر 46 عاماً في شركة Comanche Nation Enterprises بمدينة لوتون، أوكلاهوما، كان يوماً ما ملاكماً محترفاً في عالم الملاكمة.
ورغم أنه لا يزال يبدو وكأنه قادر على خوض بضع جولات في الحلبة، فقد انتقل الآن إلى مسار مهني ناجح في مجال الأعمال لخدمة مجتمعه ، ولا يفكر في العودة إلى الملاكمة كما يفعل كثير من الملاكمين المعتزلين في الوقت الحالي.
"لا يا رجل"، قال ضاحكاً، "لدي خمسة أبناء. ابني الأكبر في سنته الجامعية الثالثة، وابني التالي هو الملاكم في العائلة، سيدخل الجامعة وسيمارس المصارعة، لكنه أيضاً ملاكم هاوٍ بسجل انتصاران-دون هزيمة وربما يجمع بين الملاكمة والفنون القتالية المختلطة".
ورغم إدراكه التام لمدى صعوبة وقسوة عالم القتال، فإنه لا يعارض أن يسلك ابنه الدرب نفسه، لكنّه، على خلاف كثيرين، حين جاء موعد الاعتزال، طوى الصفحة ورحل بلا تردّد.
"لا أريد أن أبدو وكأني أفضل من أحد، لكن التعليم كان الأساس"، يقول تاهدوآنيباه، الذي خاض مسيرة من 2004 حتى 2016 حقق خلالها 34 فوزاً (24 بالضربة القاضية) مقابل 3 هزائم و3 تعادلات ونتيجتين ملغيتين. "كان والدي وأبناء جيله أول من تخرجوا من الجامعة في عائلتنا، وكان حريصاً على أن أحصل على شهادتي. حصلت على شهادة في إدارة الأعمال، وكوني ملاكماً معروفاً بين أبناء قبيلتي فتح لي الأبواب لبناء مكانتي داخل المجتمع".
ويضيف: "دخلت الملاكمة لأصبح مليونيراً، لكن ذلك لم يحدث، فانتقلت للعمل في مجال العقود الحكومية. ما زلت أعمل وأسعى، وكأنها معركة تمنحني دافعاً للاستمرار يومياً".
هذا النزال الحالي أكثر أماناً بكثير من تلك التي اعتاد تاهدوهنيباه خوضها في ليالي القتال، خاصة وأن أسلوبه الهجومي لم يكن مناسباً للاستمرار لفترة طويلة. لكن، يا لها من محبة حظي بها في أوكلاهوما، حيث أصبح محبوب الجماهير وبائع تذاكر حقيقي. ولم يكن كونه سفيراً جيداً للرياضة ولقومه إلا عاملاً إضافياً عزز من شعبيته.
وقال: "كنت أحاول فقط أن أعيش حياة مستقيمة، وأن أتناول الطعام الصحي، وكنت شاباً متهوراً بعض الشيء. كنت أشرب الكحول أحياناً، وبصراحة كان بإمكاني أن أحقق نتائج أفضل لو كنت أكثر جدية تجاه رياضتي، لكنني كنت أحاول أن أكون بخير. كان لدي فريق جيد، وعائلة جيدة، ونظام دعم قوي من أبناء قومي، لأنه لم يكن هناك أي من السكان الأصليين لأمريكا يفعل ذلك في الساحة آنذاك.
"لذلك أحبني قومي كثيراً، وكانوا دائماً خلفي. وهذا كان أعظم أمر بالنسبة لي. كنت أفعل ذلك من أجل شعبي، تماماً كما يفعل ماني باكياو من أجل شعبه. هذا ما كنت أشعر به. كانت هناك قوة دافعة لا أستطيع تفسيرها، لكنني أعتقد أن هذا الدفع هو ما ساعدني على الاستمرار لفترة طويلة."
رياضي منذ الصغر، لمع اسم تاهدوهنيباه في كرة القدم والمصارعة خلال فترة نشأته، لكنه كان قريباً من الدخول إلى عالم الفنون القتالية المختلطة بعد أن شاهد هو ووالده العروض الأولى لـ UFC.
وقال: "كان من المفترض أن أكون هناك عندما بدأت القتال. بدأت كمصارع، ثم انتقلت إلى الكيك بوكسينغ لأن هدفي كان تحسين مهاراتي في الضرب ثم القتال في الـ UFC، هذا ما كنت أنا ووالدي نريده. لكن في ذلك الوقت لم تكن هناك أي صالات تدريب متاحة للفنون القتالية المختلطة، فاشتركت في بطولة Toughman ومن هناك بدأت مسيرتي في الملاكمة."
لم يتحول تاهدوهنيباه للاحتراف إلا في سن الخامسة والعشرين، ما جعله مضطراً للتقدم بسرعة — وهذا ما فعله، حتى وإن لم يكن مستوى المنافسة يوازي سرعته في الصعود. وبحلول يوليو 2011، كان قد حقق سجلاً نظيفاً بلغ 28 انتصاراً-دون هزيمة-تعادل واحد، بعد أن أسقط جيمي هولمز بالضربة القاضية في الجولة الأولى، ليفوز بلقب WBC القاري للأمريكيتين في وزن المتوسط. هذا الانتصار مهد له فرصة كبيرة بعد ثلاثة انتصارات أخرى في غضون سبعة أشهر.
وقال: "أعتقد أن أقرب فرصة حقيقية لي كانت عندما واجهت دلفين رودريغيز. ليلة النزال، قال لي المروج جو ديغوارديا: الفائز في هذا النزال سيواجه ميغيل كوتو على شاشة HBO."
لكن رودريغيز هو من حصل على مواجهة كوتو، فيما تلقى تاهدوهنيباه أول خسارة في مسيرته، حيث أوقفه رودريغيز في الجولة السادسة في موهيغان صن بولاية كونيتيكت.
واصل الملاكم القادم من أوكلاهوما مسيرته بنتائج متباينة، إذ حقق 3 انتصارات مقابل هزيمتين وتعادل واحد (مع نزال أُلغي نتيجته)، قبل أن يعلن اعتزاله بعد خسارته بالضربة القاضية الفنية في الجولة الأولى أمام الياباني ريوتا موراتا في يوليو 2016. ذلك النزال كان على بطاقة
تيرينس كروفورد ضد فيكتور بوستول في MGM Grand بمدينة لاس فيغاس، وشكّل ظهوره الوحيد في "عاصمة القتال".
ورغم كثرة أسئلة "ماذا لو" التي خطرت في باله بعد مسيرته، كان يعلم أن الانغماس في تلك الأفكار لن يجلب أي فائدة.
لم يبدأ مسيرته الاحترافية إلا في سن الخامسة والعشرين، لكنه شق طريقه بسرعة لافتة. ففي يوليو 2011، كان سجله خالياً من الهزائم عند 28 فوزاً وتعادل واحد، بعدما أطاح بجيمي هولمز بالضربة القاضية في الجولة الأولى ليتوَّج بلقب WBC القاري للأمريكيتين. وبعد ثلاثة انتصارات إضافية، سنحت له فرصته الكبيرة بمواجهة دلفين رودريغيز، حيث كان الفائز سيلاقي الأسطورة ميغيل كوتو على شاشة HBO. لكن رودريغيز حسم النزال لصالحه، موجهاً له أول هزيمة في مسيرته.
استمر بعد ذلك بنتائج متباينة، واعتزل بعد خسارته بالضربة القاضية في الجولة الأولى أمام ريوتا موراتا في يوليو 2016، وكانت تلك المرة الوحيدة التي خاض فيها نزالاً في لاس فيغاس.
"أدركت أنني أضعت بعض الفرص الثمينة وأنا في قمة عطائي، لكن هذه اللعبة قاسية و خطرة، وطريقتي في التدريب كانت تقوم على مبدأ القتال حتى النهاية. وحين يخبو الشغف، يكون التوقف هو القرار الوحيد الصحيح."
مع تقدم أبنائه في السن، اختار أن يكون أباً متفرغاً ومدرباً لهم في الرياضات المختلفة.
"كنت أريد أن أكون بطلاً، لكن حين بدأ الشغف يخبو، عرفت أن الوقت قد حان. أردت أن أكون أباً عادياً، وأركز على تربية أبنائي".
لم يلتفت ’الفتى الكومانشي‘ إلى الوراء قط، ونجح في نيل ما ندر تحقيقه في عالم الملاكمة: خاتمة سعيدة لمسيرته. ومع ذلك، يبقى في داخله حنينٌ لا ينطفئ لتلك الأيام.
قال: "بلى، أفتقد شعور القتال. عندما تكون أنت الملاكم ، الجميع يحبك والجميع يعرفك. تدخل الحلبة، وبالنسبة لي، عندما أرتدي قفازيّ وقبل أن أسير نحو الحلبة، كانت الطبول تدق، فتشعل في داخلي الحماس. كنت أشعر أنني كومانشي جامح، وكنت أؤمن بذلك تماماً. وهذا الشعور، بلا شك، من أعظم المشاعر التي عشتها في حياتي. أفتقد هذا الجزء."
ثم أضاف: "لكن عليّ أن أتعلم تقبّل الأمر. لقد مضى الآن، ولا أستطيع أن أفعل شيئاً حياله. لكنني أفتقده. الآن أنا مجرد شخص عادي."