لم يكن هناك أي شك في أن كاويمهين أغيركو يمتلك مهارات الملاكمة.

لكن قبل عشرة أيام، أثبت الملاكم الإيرلندي البالغ من العمر 28 عامًا، والمنافس في وزن الوسط الخفيف، أنه قادر أيضًا على النزال الحقيقي.

أمام 20 ألف مشجع من جماهير مدينته في ملعب وندسور بارك في بلفاست، صمد أغيركو رغم تورم شديد في عينه وسقوط مثير للجدل في الجولة الثانية عشرة، ليحقق فوزًا صعبًا بقرار منقسم على خصمه العنيد إشميل ديفيس.

وعندما غادر أغيركو الملعب الصاخب وعاد إلى هدوء غرفة تبديل الملابس، شعر بالراحة والفرح لفوزه بأهم نزال في مسيرته، إلى جانب رضا عميق لأنه أثبت خطأ المشككين.

وقال أغيركو لمجلة ذا رينج:

"كان يُقال الكثير عني قبل هذه المواجهة، وحتى خلال السنوات الماضية، أنني بلا قلب، لا أملك الشجاعة، ولا أريد خوض نزالات كبيرة.

لكن أن أخرج وأثبت العكس أمام جماهيري في مدينتي، ضمن أمسية كبيرة، رغم أن كل الظروف كانت ضدي، كان بمثابة ارتياح كبير. فقط لأثبت للجميع ما أعرفه أنا وفريقي منذ البداية... ومن الجيد أن أسكت بعض المشككين."

لقد كانت مسيرة كاويمهين أغيركو تتقدّم بهدوء على مدى سنوات. فهو بلا شك موهوب، لكن قبل هذا العام كان أبرز إنجاز له هو الفوز بقرار منقسم على بطل بريطانيا السابق تروي ويليامسون، بعد أشهر طويلة من المفاوضات.

ويبدو أن أغيركو(18 انتصار – 0 هزيمة – 0 تعادل، منها 7 بالضربة القاضية) قرر مؤخرًا مواجهة التحديات بلا تردد. ففي أبريل الماضي، قبل نزالًا في وقت قصير جدًا أمام ريان كيلي المقلَّل من شأنه، وانتزع فوزًا صعبًا في مواجهة لم تكن لترفع من مكانته كثيرًا، لكنها بالتأكيد كانت قادرة على كسر مسيرته.

بعدها مباشرة، قفز إلى مواجهة إشميل ديفيس. صحيح أن المتابعين من الخارج لا يعرفون ما يجري خلف الكواليس أو كل اتصال ورسالة نصية، لكن ما قدّمه أغيركو داخل الحلبة يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنه ليس "بلا قلب" كما وُصف.

الغريب أنه لا يعرف أين أو متى أو لماذا بدأت هذه الاتهامات والافتراضات. وقال:

"بصراحة ليست لدي أي فكرة من أين جاءت. العام الماضي كنت ألاحق نزالات كبيرة أمام أسماء مثل كالوم والش، أباس باراو، جوش كيلي. كلها نزالات تم الحديث عنها، وأنا كنت راغبًا فيها ووافقت عليها.

لست متأكدًا من أصل هذه الأحاديث، لكن بالنهاية الناس سيملكون آراءهم أو يختلقون قصصًا. لا أركز على ذلك ولا يزعجني. بالتأكيد ليس من الجيد أن تسمع شيئًا تعرف أنه غير صحيح، لكن هذه هي الملاكمة. لكل شخص رأي، وأنا أحترم ذلك."

وفي أكتوبر الماضي، انتقل أغيركو إلى ليفربول وبدأ العمل مع الملاكم السابق والمنافس على لقب العالم في وزنالريشة الفائق، ستيفن "سويفتي" سميث.

أحيانًا، يجد الملاكم ومدربه الإيقاع والانسجام من أول حصة تدريبية. لكن الأمر لا يتوقف عند التوافق داخل الحلبة، بل يشمل أيضًا طريقة التفكير خارجها: هل ينظران إلى الرياضة بالطريقة نفسها؟ هل يشتركان في الأهداف والطموحات؟ وهل هما على استعداد لتحمل المخاطر ذاتها؟

إذا كان نزال اللحظة الأخيرة أمام ريان كيلي قد اعتُبر خطيرًا لكنه قابل للفوز، فإن مواجهة إشميل ديفيس كانت تُرى على أنها اختبار متكافئ بنسبة 50-50، وأول امتحان حقيقي للعمل الذي قام به أغيركو مع فريقه.

قال أغيركو:

"بالتأكيد في آخر نزالين تم اختبار شراكتنا. أنا مع (سويفتي) منذ 11 شهرًا فقط. بداية هذا العام كانت أول معسكر حقيقي لي معه، لكنه بالفعل جوهرة. كتبت بالأمس منشورًا قلت فيه إنه ربما لا يدرك ذلك، لكنه جعلني أكثر سعادة وجوعًا للملاكمة، كما أنه طوّرني فنيًا بشكل كبير.

نحن ننسجم ونعمل سويًا بشكل رائع. هو بالضبط نوع المدربين الذي أحتاجه في زاويتي. لا يفقد أعصابه ولا يصرخ في وجهك ليُوصل رسالته. ببساطة يقول لك ما يجب أن تفعل ومتى تفعله، وعندما يتحدث (سويفتي) فأنت تستمع. لديه عقل ملاكمة مذهل، عاش التجربة وخاضها بنفسه. بالنسبة لي هو ملاكم ومدرب من الطراز العالمي."

خلال الأشهر الأولى من عملهما معًا، كان المدرب يقيّم تلميذه بهدوء ليتعرف على إمكانياته، ومدى استيعابه للتعليمات، وأفضل طريقة لإيصالها إليه. وبلا شك، تأتي لحظة يحتاج فيها المدرب إلى إثبات قيمته أمام مقاتله.

ومع تورم عين أغيركو وإشميل ديفيس يضغط بقوة، حافظ سميث على هدوئه وأدى مهمته بثبات. ففي المواقف عالية الضغط، يحتاج الملاكم إلى تعليمات واضحة وخطة طريق أكثر من حاجته إلى صرخات تحفيزية.

وقد استمع أغيركو لتعليمات سميث وثق في نجاحها، وكان ذلك النوع من الانتصارات الذي يرسخ الشراكة بين المقاتل ومدربه.

وقال أغيركو:

"عقلية سويفتي في الملاكمة لا مثيل لها. أعتقد أننا ننسجم بشكل رائع. ما ساعدني يوم السبت هو أنه لم يفقد أعصابه، وأنا أيضًا لم أفعل. عندما تكون في الزاوية وتجد مدربك هادئًا، يمنحك ذلك الكثير من الطمأنينة. حتى عندما كان يقول لي إنني أترك بعض الجولات متقاربة، كنت قادرًا على الاستماع لتعليماته والالتزام بها دون أن أرتبك، خاصة مع إغلاق عيني. لدينا علاقة وشراكة رائعة في الصالة، وأعتقد أن هذه مجرد بداية لشيء مميز."

ورغم حماسه للعودة سريعًا إلى الصالة، إلا أن أغيركو قضى عامًا مزدحمًا، وسيحتاج إلى وقت للتعافي من الاثني عشر جولة الشرسة التي خاضها أمام ديفيس. الانتصار المهم منحَه هذه المساحة من الوقت.

إشميل ديفيس ملاكم جيد، لكن الأمور ستزداد صعوبة من الآن فصاعدًا، وأغيركو يريد الاستمرار في الضغط والتقدم. هو لا يفكر في الاكتفاء بترتيبه المرتفع في تصنيف الـ WBA أو انتظار اتضاح صورة وزن 154 رطلاً وظهور الطريق أمامه. الأهم بالنسبة للملاكم البالغ من العمر 28 عامًا هو أن يستمر في جعل الناس يعيدون التفكير في آرائهم عنه.

قال أغيركو:

"فيما يخص نزال كالوم والش، قيل لنا إن فريقه لم يرغب في خوضه. بصراحة، قالوا إنه نزال مؤجل للمستقبل. لا أعلم إن كانوا يقصدون أن والش لم يكن جاهزًا بعد لهذا المستوى من المواجهات."

"أما بالنسبة لعباس باراو، فهو الآن بطل العالم. قبل نزالي الأخير كنت مصنفًا رابعًا في الـ WBA، وأتوقع أن أتقدم إلى المركز الثاني أو الثالث، ما يعني أنني أصبحت على مقربة من خوض نزال على اللقب العالمي. إذا اضطررت لخوض مواجهة إضافية في الطريق للوصول إليه، فلا مانع لدي."

"كل ما أريده هو أن أبقى نشطًا وأن أواصل إثبات خطأ من يشككون بي. أشعر حقًا بمتعة كبيرة حينما أثبت أن الناس مخطئون في حقي. لقد شُكك بي طوال حياتي — سواء في الهواة أو المحترفين أو حتى خارج الملاكمة. لطالما كان يُقال: (كاهويمن أغيركو لا يُفترض أن يكون في هذه المكانة)، لكنني دائمًا أبقيت رأسي ثابتًا."

"كنت دائمًا مصممًا، ملتزمًا، وأتدرب بكل ما أملك من جهد لكي أصل إلى ما أنا عليه الآن. أؤمن أنني أنتمي للقمة، وما قدمته في أدائي الأسبوع الماضي لا يمكن إلا أن يدفعني قدمًا نحو النزالات الكبيرة."