بلفاست، أيرلندا الشمالية — ها نحن أخيراً أمام الموعد المرتقب.

لويس كروكر و بادي دونوفان يلتقيان من جديد بعد ستة أشهر من نزالهما الأول الذي انتهى بجدل كبير، لكن هذه المرة على لقب الـIBF في وزن الويلتر الذي شغر مؤخراً، وما يحمله من مجد وعوائد ضخمة للفائز.

وقبل النزال الرئيسي، تدور بالفعل نزالات تمهيدية ممتدة لعدة ساعات في أجواء ماطرة متقلبة داخل استاد ويندسور بارك، حيث يُتوقع أن يتجاوز الحضور 19 ألف متفرج في أول عرض ملاكمة داخل ملعب كبير في البلاد منذ عام 2018. هل تشعرون بالحماس؟

البطاقة المكونة من 10 نزالات تحت إشراف Matchroom تُبث عالمياً عبر منصة DAZN، حيث يبدأ العرض الرئيسي عند الساعة 2 ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي (7 مساءً بتوقيت لندن)، بينما تُعرض فقرة "Before The Bell" عبر يوتيوب. أما دخول الملاكمين للنزال الرئيسي فمن المتوقع أن يكون بعد الساعة 5:30 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي (10:30 مساءً بتوقيت لندن).

قدّم كاويمهين أجياركو (18 انتصاراً-دون هزيمة، 7 بالضربة القاضية) عرضاً صلباً في مواجهة مشحونة ومليئة بالدراما أمام إشميل ديفيس (13 انتصاراً-3 هزائم، 6 بالضربة القاضية)، لينتزع فوزاً بقرار أغلبي بعد 12 جولة متوترة بواقع (112-115، 113-114، 113-114) في النزال الرئيسي المشترك.

منذ البداية، أوفى ديفيس بوعده بالانطلاق السريع، موجهاً لكمة يمينية قوية أصابت أنف أجياركو وأربكه بحركة متقطعة أربكت إيقاع خصمه. في الدقائق الأولى، بدا أن دفاع ديفيس المتماسك يحبط محاولات أجياركو، حتى لجأ الأخير إلى العمل على الجسم في الثواني الأخيرة من الجولة الثانية.

مع انطلاقة الجولة الثالثة، تبادل الملاكمان اللكمات المركبة، حيث تمسّك أجياركو بصلابته قرب الحبال، موجهاً ضربات يمينية قصيرة، فيما قابل ديفيس ذلك بأسلوب قتالي عنيف. وفي الثواني الأخيرة من الجولة، خطف أجياركو تصفيق الجماهير بعد أن نجح في تنفيذ سلسلة من اللكمات المرتدة المتقنة من مسافة قريبة.

الجولات الأربع الأولى بدت متقاربة، لكن أجياركو بدأ تدريجياً في إيجاد إيقاعه، مستعيناً بأسلوب “اضرب وتحرّك”. مدربه ستيفن سميث حثه بين الجولات قائلاً: "ضاعف ضرباتك، واصل الضغط." وهو ما استجاب له أجياركو في الجولة السابعة بزيادة وتيرة هجماته.

في المقابل، كان ديفيس يتعرض للتوبيخ من فريقه الفني قبل الجولة الثامنة بسبب تراخيه، خاصة مع وضوح تدهور عين أجياركو اليمنى المصابة، والتي فحصها الحكم والطبيب قبل السماح باستمرار النزال.

رغم محدودية الرؤية، واصل أجياركو القتال بعين واحدة، مجبراً نفسه على الصمود حتى مع دخول الجولات الحاسمة لأول مرة في مسيرته. نصيحة زاويته كانت واضحة: "لا تدعه يسرق الجولات."

مع بداية الجولة الأخيرة، تعرض أجياركو للتعثر نتيجة تداخل في الأرجل تزامن مع ضربة جسدية من ديفيس، ليُسجَّل ذلك سقوطاً رسمياً من قبل الحكم، أثار القرار غضب البطل، فسعى للرد سريعاً عبر توجيه ضربة قوية في الثواني الأخيرة. ومع ذلك، ظلّت النتيجة معلّقة حتى لحظة إعلان الحكم النهائي.

قبل ستة أشهر، ظهر تايرون ماكينا (25 انتصاراً-6 هزائم-تعادل واحد، 8 بالضربة القاضية) في موقع الطرف الأضعف بوضوح، حين خسر بشكل حاسم خارج الديار أمام هارلم إيوبانك في برايتون. لكن هذه المرة، عاد إلى أجواءه المألوفة بين جماهيره، ليحتفل بانتصار جديد ويرقص فرحاً بعد أن كرر تفوقه على ديلان موران.

منذ الجولة الافتتاحية، ارتفع نسق النزال بشكل ملحوظ. ماكينا اعتمد على الضربات المركبة التي أصابت هدفها بفاعلية، فيما حاول موران (19 انتصاراً-4 هزائم، 9 بالضربة القاضية) الرد بين الحين والآخر، ليبقي منافسه البالغ 35 عاماً في حالة يقظة مستمرة.

الملاكم الأسكتلندي جوش تايلور، البطل السابق غير المنازع في وزن 140 رطلاً، مزح قبل النزال قائلاً إنه لن يطول، وكأن نبوءته قد أضفت على النتيجة طابعاً أكثر حسماً.

تلقى ماكينا جرحاً فوق عينه اليسرى في وقت مبكر، ورغم العمل الجيد من فريقه في الزاوية ظل الجرح عنواناً للنزال بينما تبادل الملاكمان الخطافات في وسط الحلبة. جماهير موران كانت تطالبه بالحركة، فيما اكتفى الأخير بمحاولة إبعاد الضغط عبر ضربات عكسية، لكن ماكينا واصل التقدم بلا مبالاة.

في الجولة الثالثة، بدا واضحاً تفوق ماكينا وهو يطارد خصمه الأصغر سناً، ويضاعف من وتيرة اللكمات حتى باتت المهمة مرهقة بالنسبة لموران. ومع بداية الجولة الرابعة، ظهرت علامات الإجهاد على وجهه.

قبل دقيقة من نهاية تلك الجولة، علت أصوات الجماهير مع وابل من الضربات المركّبة التي هزت رأس موران مراراً، ليجبر الحكم ريس كارتر على التدقيق في الموقف قبل أن يرد الملاكم الإيرلندي باندفاعة شجاعة وكأنه يقول: "ما زلت هنا".

لكن المعركة ازدادت استنزافاً مع مرور الدقائق، ورغم أن موران أظهر حيوية أكبر وكأنه استعاد أنفاسه، إلا أن ماكينا رد بضربة علوية قوية تبعتها مجموعة من خمس ضربات متتالية أظهرت مدى استمتاعه بالقتال.

وفي الجولة السابعة، جاءت اللحظة الحاسمة. ضربة يسارية قوية من ماكينا تركت موران مترنحاً وفاقداً للتوازن. بدأ الحكم العد، وكان بوسعه إنهاء النزال في تلك اللحظة، لكنه سمح له بالاستمرار احتراماً لشجاعته. إلا أن ثلاث ضربات إضافية بلا رد كانت كافية ليوقف اللقاء، ويُنهي الحكم النزال والخصم واقف على قدميه.

لم يحتج البريطاني بات براون (4-0، 4 بالضربة القاضية) – المشارك في أولمبياد باريس 2024 – إلى الكثير من الوقت ليحسم نزاله أمام النيجيري المقيم في بلفاست أوستن نامدي (12-6، 10 بالضربة القاضية) في مواجهة من ثماني جولات.

ففي الجولة الثانية، أظهر براون (25 عاماً) قوة قبضته ودقة اختياره للضربات، ليجبر الحكم راسل جونيور على إيقاف النزال بعد أن تعرض نامدي لضربة قاضية قاسية باليد اليمنى لم يرها قادمة، قبل أن يتلقى المزيد من اللكمات التي لم يكن هناك داعٍ لمواصلتها.

براون، الذي يُنظر إليه كأحد أبرز مواهب وزن الكروزر الصاعدين منذ توقيعه مع "ماتش روم" في نوفمبر الماضي، أوضح بعد النزال أنه لم يضطر لتجاوز "السرعة الأولى" بعد، مؤكداً تطلعه لخوض نزالات أطول تمنحه خبرة أعمق قبل أن يبدأ إيدي هيرن برفع مستوى المنافسة أمامه.

وقال براون عقب الفوز:

"أكن كامل الاحترام له، فهو ملاكم خطير، لكن النزال كان يسير في اتجاه واحد فقط. لم أتعرض لأي مشكلة. أطلقت يدي اليمنى أول مرة فأسقطته أرضاً. جيمي ونايجل طلبا مني التروي والاعتماد أكثر على الجاب، لأن ملاكمين مثله يصبحون متهورين عند تعرضهم للإصابة."

وأضاف:

"كانت هذه أكثر مرة أشعر فيها بالتوتر، لكونها المرة الأولى التي أقاتل فيها داخل ملعب كبير. لكني التزمت بالخطة وشعرت براحة كاملة، وبعد السقوط الأول لنامدي كان كل شيء يسير نحو النهاية."

مولي ماكان شددت على أن هدفها في الملاكمة لا يرتبط بالمال، بل تسعى بخطوات مدروسة لبلوغ المنافسة على لقب عالمي في غضون 18 شهراً من بدايتها الاحترافية. وقد جاءت خطوتها الأولى واعدة، إذ دخلت الحلبة بجدية تامة وجعلت أول جولتين تمرّان كلمح البصر.

ومع اندفاع ماكان للأمام وتسديدها لكمات قوية متتالية، وجدت منافستها رودومسكا (5 انتصاراً-7 هزائم) صعوبة كبيرة في إطلاق هجماتها، واضطرت للعب دور المرتدة على الخط الخلفي. لكن الأمور ازدادت غرابة حين حاولت رودومسكا الدفاع عن نفسها بركل ساقها اليمنى في لقطة أذهلت الجماهير.

واصلت ماكان الضغط في الجولة الثالثة، وأسقطت رودومسكا أرضاً بعد جولتين إضافيتين، قبل أن يتدخل الحكم هيو راسل جونيور لإيقاف النزال في الجولة الأخيرة رحمةً بالملاكمة البولندية، التي بدت غاضبة من قرار الإيقاف رغم أنها كانت محظوظة لصمودها إلى ذلك الحد.

دائماً ما تحمل النزالات المحلية طابعاً ممتعاً، وهذا النزال على لقب إيرلندا لم يخرج عن القاعدة. فماثيو بورلاند (6 انتصاراً-دون هزيمة، 2 بالضربة القاضية) واصل سجله المثالي كمحترف، بعد أن حسم معركة شرسة متبادلة دامت ست جولات أمام حامل اللقب روادان فاريل (7 انتصاراً-هزيمتان-تعادل واحد، 2 بالضربة القاضية).

في الجولة السادسة الحاسمة، أسقط بورلاند منافسه أرضاً بلكمة يسارية قوية من مسافة قصيرة. ومع عودة فاريل للهجوم ومحاولته قلب الموازين عبر سيل من اللكمات، بدا للحظة أنه قادر على قلب الطاولة. لكن قبل انتهاء الجولة بثوانٍ، وجه بورلاند لكمة يمنى مباغتة جعلت الحبال وحدها تمنع فاريل من السقوط مجدداً.

وبعد فحص طويل بين الجولات، قرر فريق فاريل إيقاف النزال ورفع الراية البيضاء، ليعلن الحكم بادراغ أو ريختاغاين فوز "بام بام" بورلاند بأكبر انتصار في مسيرته حتى الآن.

من الواضح أن الملاكم من ميدلسبره، كاين سينغ (3 انتصاراً – 7 هزائم – تعادلان)، كان قد جُلب إلى الحلبة لتلقي الخسارة. وربما لهذا علت بعض صافرات الاستهجان عند انتهاء النزال، ثم تجددت بعد إعلان النتيجة على بطاقات الحكام (37-39) لمصلحة الضيف. فقد قدّم كيري (3 انتصاراً – هزيمة واحدة) من كاسلولين أداءً باهتاً، تلقى خلاله الكثير من اللكمات، دون أن يتمكن من إيجاد الحلول للخروج من المأزق.

تحدث آرون بوين قبل النزال عن رغبته في الحصول على فرصة لإبراز مهاراته في مقابلة مع مجلة ذا رينج، لكن الأرجنتيني كارلوس ميغيل رونر (7 انتصاراً -6 هزائم، 2 بالضربة القاضية) لم يقدّم مقاومة كافية. فقد أنهى الملاكم البالغ 26 عاماً من كوفنتري (7 انتصاراً -دون هزيمة، 5 بالضربة القاضية) اللقاء سريعاً عبر إسقاطين في الجولة الثانية، مسجلاً فوزه الثاني توالياً بالضربة القاضية.

في وقت سابق، افتتح الوافد الجديد إلى وزن المتوسط الخفيف، كايل سميث، مسيرته بفوز عريض بالنقاط (36-40) بعد أربع جولات، متفوقاً على المخضرم كونور مينويل (2 انتصار – 30 هزيمة – تعادل واحد).

لم يحصل جيم دونوفان، البالغ 20 عاماً، على الضربة القاضية التي كان يتمناها في بدايته الاحترافية، لكنه قدّم عرضاً مشجعاً. بدأ النزال بقوة، وأظهر قدرته على تحمل اللكمات بقدر ما يوجهها، بعدما تلقى سلسلة من اللكمات اليمنى في الجولة الأخيرة. ورغم أن إسقاطه لمنافسه في الجولة السابقة بدا أقرب إلى انزلاق عند مشاهدته أول مرة، إلا أن الحكم احتسبه سقوط بالضربة القاضية. في النهاية، خرج آخر اكتشافات المدرب آندي لي بفوز واضح على البولندي لوكاش باراباش (4 انتصاراً-18 هزيمة، 2 بالضربة القاضية) بواقع (36-39) بعد أربع جولات.

وزن الويلتر (Welterweight):

تايرون ماكينا يفوز بالضربة الفنية القاضية في الجولة السابعة (1:22) على ديلان موران.

وزن الكروزر (Cruiserweight):

بات براون يفوز بالضربة الفنية القاضية في الجولة الثانية (1:51) على أوستين نامدي.

وزن السوبر بانتام (Junior Featherweight):

مولي ماكان تفوز بالضربة الفنية القاضية في الجولة السادسة (1:21) على كيت رودومسكا.

لقب إيرلندا في وزن السوبر بانتام (Irish Junior Featherweight Title):

ماثيو بورلاند يفوز بعد انسحاب الخصم في الجولة السادسة (3:00) على روادان فاريل.

وزن السوبر بانتام (Junior Featherweight):

كاين سينغ يفوز بالنقاط (37-39) بعد 4 جولات على دوناغ كيري.

وزن المتوسط (Middleweight):

آرون بوين يفوز بالضربة الفنية القاضية في الجولة الثانية (2:35) على كارلوس ميغيل رونر.

وزن المتوسط الخفيف (Junior Middleweight):

كايل سميث يفوز بالنقاط (36-40) بعد 4 جولات على كونور مينويل.

وزن المتوسط (Middleweight):

جيم دونوفان يفوز بالنقاط (36-39) بعد 4 جولات على لوكاش باراباش.