بالنسبة لمعظم الناس في الولايات المتحدة، فإن انخفاض درجات الحرارة، وتحوّل ألوان الأشجار، واقتراب موعد 31 أكتوبر يعني موسم الهالوين.

أما بالنسبة لأعضاء لجنة التصويت في قاعة مشاهير الملاكمة الدولية (IBHOF)، فذلك يعني أن الوقت المتبقي لتسليم بطاقات التصويت الموقّعة بدأ ينفد.

تُعدّ قاعة المشاهير في كاناستوتا – نيويورك المركز الأبرز لتاريخ الملاكمة منذ تأسيسها عام 1990، وأكبر مؤسسة من نوعها لتكريم أعظم الملاكمين في تاريخ الرياضة.

قبل ذلك، كانت قاعة مشاهير مجلة ذا رينج – التي تأسست في منتصف الخمسينيات واستمرت حتى عام 1989 – هي المرجع الأول في تكريم أساطير الملاكمة، قبل أن تتغير ملكيتها ويتم إغلاقها.

كانت القاعة السابقة تتخذ من نيويورك مقرًا لها، مثل مكاتب مجلة ذا رينج ، وكانت تُعتبر آنذاك من أفضل المتاحف الرياضية المخصصة للملاكمة.

وقد تم إدخال أكثر من 150 ملاكماً إلى القاعة القديمة، لتتبنى لاحقًا عدة ولايات أميركية إنشاء قاعاتها الخاصة.

ومع إغلاق القاعة القديمة، انتقل معظم هؤلاء المكرّمين – باستثناء نحو 12 ملاكماً – إلى قاعة كاناستوتا.

على مدى السنوات الماضية، أصبح أسبوع التكريم في قاعة المشاهير أحد أبرز الفعاليات التي تجمع نخبة من أعظم الملاكمين إلى جانب عشّاق الملاكمة المتحمسين من مختلف أنحاء العالم.

والأهم أن هذه الفعالية لا تقتصر على تكريم الأبطال فحسب، بل تُتيح للجماهير فرصة نادرة للقاء أساطير الملاكمة وجهًا لوجه واستعادة أمجادهم عن قرب

بالنسبة للملاكمين، فإن مجرد إدراج أسمائهم في قائمة الترشيح يُعتبر شرفًا كبيرًا، أما الفوز بالتصويت والدخول رسميًا فهو تحقيقٌ لحلم العمر.

لكن من بين عشرات الأسماء، لا يُنتخب سوى ثلاثة ملاكمين كل عام.

تُشرف على عملية التصويت نخبة من كبار الصحفيين والمحللين الرياضيين المتخصصين بالملاكمة، وغالبًا ما يشاركون علنًا بطاقاتهم وآراءهم.

حالياً، تضم قائمة الترشيحات الحديثة (Modern Ballot) 42 ملاكماً ، ويجب أن يكون الملاكم معتزلًا منذ ثلاث سنوات على الأقل وأن يكون آخر نزال له قد جرى بعد عام 1989 ليصبح مؤهلًا للترشيح.

وتضم هذه القائمة عادة أبطالًا عالميين لعدة أوزان أو أبطالًا سيطروا لفترات طويلة.

أما بالنسبة إلى الفئات الأربع المتبقية — وهي المراقبون، غير الملاكمين، الرواد، و القدامى — فيُشرف مجلس إدارة قاعة المشاهير على الاختيار المباشر للأسماء المكرّمة ضمنها.

كل من يحب تاريخ الملاكمة يتمنى أن تُكافأ تضحيات الملاكمين داخل الحلبة.

فالمعاناة التي يتعرضون لها والمخاطر التي يواجهونها لا تقدر بثمن، لذا منحهم مكانة خالدة في التاريخ هو التكريم الحقيقي لما قدّموه.

لكن الواقع يشبه إلى حد كبير هيكل السلطة في عالم الملاكمة نفسه:

القلة في القمة تُكرَّم، والبقية تُنسى تدريجيًا.

وفي هذا العام، لا توجد أسماء ضخمة من الطراز الأول في القائمة، بل مجموعة من الملاكمين المميزين الذين تركوا بصمة قوية في أوزانهم.

من بين أبرز الأسماء:

غيلبرتو رومان ومون سونغ كيل – من أعظم ملاكمي وزن السوبر فلاي في التاريخ.

إسرائيل فاسكيز – أحد أبرز نجوم وزن السوبر بانتام وأحد أكثر الملاكمين إثارة في العقد الأول من الألفية الجديدة.

سانتوس لاكيار ويوري أرباتشاكوف – من أعظم 20 إلى 25 ملاكم في وزن ذبابة في التاريخ.

في المقابل، هناك أسماء قد تُستبعد رغم إنجازاتها مثل سوت تشيتالادا وصموئيل سيرانو، بينما يُنظر إلى آخرين على أنهم أبطال أرقام أكثر من الأداء، مثل:

سفين أوتكي الذي هيمن على وزن السوبر متوسط في ألمانيا لكنه استفاد من قراراتٍ تحكيمية مثيرة للجدل.

ليو غاميز الذي فاز بأربعة ألقاب في أوزان مختلفة، لكنه فشل أمام الخصوم الكبار.

جيانفرانكو روزي وكريس جون وبونجساكليك ونجونغكام يواجهون نفس الانتقادات.

الواقع أن شعبية الملاكم وحداثة عهده تؤثران كثيرًا على نتائج التصويت.

فالملاكمون الأميركيون أو المعروفون على نطاق واسع غالبًا ما يحصلون على فرصٍ أكبر،

في حين أن عددًا كبيرًا من الأبطال من خارج الولايات المتحدة لم ينالوا ما يستحقونه من شهرةٍ خلال فترة تألقهم.

من الأسماء التي قد تنال التكريم هذا العام:

فيرنون فورست

أنطونيو تارفر

وربما فرناندو فارغاس أو شون بورتر، بفضل مواجهاتهم مع أبطال مصنفين في قاعة المشاهير.

كما في كل عام، هناك اسم يثير الجدل – وهذه المرة هو غينادي "غولوفكين"،

أسطورة كازاخستان في وزن المتوسط، وبطل العالم السابق الذي يهيمن على المشهد منذ عقد.

احتفظ غولوفكين بلقب العالم لما يقرب من 10 سنوات متتالية وخسر فقط أمام كانيلو ألفاريز،

كما كان بطلًا عالميًا للهواة وحاصلًا على فضية أولمبية.

لكن مشكلته أن أبطال الوزن المتوسط الثلاثة الذين سبقوه تجنّبوا مواجهته.

اعترف سيرجيو مارتينيز أنه كان عليه مواجهته ولم يفعل،

وتجنّبه ميغيل كوتو أيضًا،

وبحلول الوقت الذي واجه فيه ألفاريز، كان غولوفكين قد بلغ الخامسة والثلاثين من عمره وبدأت وتيرته في التباطؤ.

ورغم ذلك، فقد نجح في الدفاع عن لقب الـWBA عشرين مرة متتالية، كان معظمها بالضربة القاضية، ما عزّز مكانته كأحد أكثر الأبطال ثباتًا في فئة الوزن المتوسط.

غير أنه لم يكن بطلًا خطيًا رسميًا، إذ حصل على لقبه بعد أن تم ترقية فيليكس شتورم إلى “بطل سوبر” في قرارٍ أثار الكثير من الجدل داخل أوساط الملاكمة.

يستحق غولوفكين على الأرجح دخول القاعة، ومع ذلك، فإن المقارنة مع أسماءٍ بارزة مثل لاكيار ورومان ومون سونغ كيل تجعل الجدل مفتوحًا حول أحقّية كلٍّ منهم بالمفاضلة التاريخية.

هناك ملاكمون بارزون لم يُدرجوا في التصويت لأسبابٍ غير معروفة، أبرزهم:

سومبو كالامباي – بطل وزن المتوسط الذي هزم مايك ماكالوم.

يُعد مارلون ستارلينغ، بطل العالم في وزن الويلتر لمرتين، أحد أبرز الملاكمين في حقبته، بعد فوزه على نخبة من الأبطال مثل مارك بريلان ولويد هونيغان وسايمون براون.

كما يستحق سايمون براون بدوره مكانًا في قائمة المكرّمين، كونه حقق ألقابًا عالمية في فئتين مختلفتين.

كانت قاعة المشاهير في كاناستوتا سابقًا تزخر بأسماء أسطورية مثل:

أليكسيس أرغويلو، مارفن هاغلر، إميل غريفيث، جيك لاماتا، خوسيه نابوليس، بوب فوستر، وكارمن باسيلو.

هؤلاء كانوا يشاركون الجمهور الذكريات، ويوقّعون التذكارات، ويمنحون الحدث طابعًا إنسانيًا فريدًا.

لكن بعد رحيلهم، وتراجع الفعاليات السنوية، ومع تأثير جائحة كورونا،

واجهت القاعة صعوباتٍ مالية وتنظيمية،

بينما برزت قاعات أخرى مثل قاعة مشاهير أتلانتيك سيتي وقاعة مشاهير نيفادا التي أصبحت أكثر بريقًا في السنوات الأخيرة.

ومع ذلك، تبقى قاعة كاناستوتا هي الأصل والمرجع التاريخي للملاكمة.