لويس ريتشاردسون خاض أول نزال احترافي له يوم 7 يونيو في قلب أحد ملاعب كرة القدم.
بعد 11 أسبوعًا فقط، خاض ريتشاردسون نزاله الثاني على بُعد 200 ميل شمالًا، في أجواء أقل فخامة داخل حلبة جليد قديمة ومتهالكة في ألتريغهام.
ريتـشاردسون في مرحلة من مسيرته لا تهم فيها المواقع أو القاعات. فكل تجربة جديدة ومثيرة بالنسبة له. وزن الوسط البالغ من العمر 28 عامًا يعيش اللحظة، ومصمم على ألّا يترك أي فرصة تمر دون أن يستفيد منها.
وقال ريتشاردسون(انتصاران بلا هزيمة) لمجلة ذا رينج قبل أيام من تفوقه بالنقاط على الإستوني أتيوم سباتار في نزال من ست جولات يوم 23 أغسطس:
“الناس يتحدثون عن الضغط أو يسألون: هل تتذكر ظهوري الأول؟ بالنسبة لي كنت حاضرًا تمامًا، وهذا شيء عملت عليه كثيرًا في السنوات الأخيرة. أريد أن أكون حاضرًا وأستمتع، لكن أيضًا أريد أن أتأكد من أنني لن أنظر إلى مسيرتي لاحقًا وأسأل: ماذا حدث هنا أو هناك؟ أريد أن أعيش اللحظة لأننا نعمل بجد. بعض الأجزاء قد تمر كضباب، لكن لا أريد أن تكون المسيرة كلها ضبابية.”
يبدو أن الأمور ستبدأ في التباطؤ قليلًا، إذ من الواضح أن ريتشاردسون سيُمنح الوقت الكافي للتأقلم مع حياة الملاكمة الاحترافية.
تُعتبر أولمبياد 2012 على نطاق واسع الشرارة التي رفعت من مستوى الاهتمام بالملاكمة في بريطانيا. ورغم أن ألعاب لندن أفرزت مجموعة كبيرة من الملاكمين البارزين، فإن للملاكمين الهواة الناجحين دورًا كبيرًا في المشهد البريطاني قبل أن يفرض
أنطوني جوشوا، لوك كامبل،
جوش تايلور، نيكولا آدامز،
نتاشا جوناس و
سافانا مارشال أنفسهم على الساحة.
أودلي هاريسون كان اسمًا مألوفًا لسنوات بعد فوزه بذهبية الوزن الثقيل في سيدني 2000، فيما أصبح أمير خان أحد أبرز نجوم الملاكمة البريطانية عقب حصده فضية مفاجئة في أثينا 2004.
أما ألعاب بكين 2008 فكانت محطة بارزة أفرزت مجموعة مميزة من الأبطال، مثل جيمس ديغايل،
بيلي جو ساوندرز،
كال يافاي، ديفيد برايس وفرانكي غافين، الذين حققوا نجاحات كبرى وظلوا يتصدرون العناوين لسنوات.
لكن ذلك الزخم خفّ مؤخرًا، إذ أصبح المروّجون أكثر انتقائية في التعاقد مع الأولمبيين، ولم يعد النجاح يُعتبر أمرًا مضمونًا.
جميع الملاكمين يحلمون بالأضواء والمواجهات الكبرى، لكن ريتشاردسون يُمنح الوقت الكافي للتأقلم مع عالم الاحتراف دون ضغوط خارجية. وعندما يكون جاهزًا، سيتم دفعه سريعًا إلى الواجهة.
يقول ريتشاردسون:
“بصراحة لا فرق عندي، من ناحية الإعلام أنا مرتاح سواء كنت تحت الأضواء أو بعيدًا عنها. هذا لا يؤثر على ذهنيتي عند دخول الحلبة أو أدائي فيها. الأمر لا يغير شيئًا في الطريقة التي أتعامل بها مع الملاكمة أو التزامي بفعل الشيء الصحيح داخل الحلبة.
أما من ناحية التدرج المهني، فأترك ذلك لفريقي. فريقي صغير لكن موثوق للغاية ويملك خبرة طويلة في عالم الاحتراف. عندما يرون أن الوقت مناسب للصعود أو أننا بحاجة إلى نزال إضافي هنا أو هناك، فأنا فقط أستمع إليهم.”
بعد المؤتمر الصحفي بأيام، خاض ريتشاردسون نزالًا من ست جولات أمام الإستوني أتيوم سباتار، سيطر فيه على مجريات اللقاء بشكل واضح لكن بإيقاع متوازن دون تصعيد كبير.
سباتار اعتاد مواجهة المواهب الشابة الطامحة في وزن الوسط، وهي مهنة خطيرة، لكنه خرج من النزال مع ريتشاردسون بسلام نسبي، حيث ما زال الأخير في مرحلة التعلم: متى يضغط، متى يثبت أقدامه، ومتى يسدد بقوة كاملة ليخترق دفاع خصمه.
ريتشاردسون لم يكن ليحقق ما أنجزه هاويًا لولا امتلاكه قوة كافية لفرض الاحترام. وهو يؤمن أن مع مرور الوقت وزيادة عدد الجولات، ستبدأ لياقته وخبرته في الظهور بشكل أوضح.
ويضيف:
“هناك أمور لا يمكنك التحكم بها، لكن لا أعتقد أنه يجب أن تدخل الحلبة وأنت غير لائق بدنيًا بما يكفي لخوض كامل الجولات، فهذا أمر بيدك. لقد رأينا ذلك مرارًا وتكرارًا على مر السنين، خصوصًا مع الملاكمين في وزني أو أوزان مشابهة.
ملاكمون مثل جو كالفازغي وريتشارد وودهول حققوا الكثير من الانتصارات بالضربة القاضية في الجولات الأخيرة، لأنهم كانوا يكسرون خصومهم تدريجيًا. لكنني أشعر أيضًا أنني أملك القوة لإنهاء الأمور مبكرًا. المسألة ليست قوة بدنية فحسب، بل توقيت، تمركز، دقة، وأعتقد أن لديّ مقومات قوية جدًا في هذا الجانب.”