في أعقاب فوزه بقرار الحكام بعد 10 جولات على جو جويس في الخامس من أبريل، صرّح أبيل سانشيز، المدرب الرئيسي لفليب هيرغوفيتش، بأن الأداء كان جيدًا بشكل عام لكنه غير مبهر، في ظل سعي الملاكم الكرواتي للعودة إلى دائرة المنافسة على لقب العالم.

وقد أُجبر هيرغوفيتش على خوض هذا النزال تحت الأضواء في وقتٍ قصير، ومع ذلك تمكّن من تبديد المشاعر السلبية التي كانت تلاحقه بعد أول هزيمة في مسيرته، والتي تلقاها على يد بطل الاتحاد الدولي للملاكمة دانيال دوبوا قبل عشرة أشهر. لكنه في الوقت ذاته أقرّ بأنه لا يزال بحاجة إلى فوز أو اثنين على خصوم بارزين قبل أن يُطالب بحقه في المنافسة ضمن قسم الوزن الثقيل، الذي يشهد تغيرات مستمرة وقد تتجزأ ألقابه الكبرى مرة أخرى قريبًا.

وبعد مرور شهرين ونصف على مواجهته في مانشستر، يستعد هيرغوفيتش، البالغ من العمر 33 عامًا(18 فوزًا، 1 خسارة، 14 بالضربة القاضية)، لملاقاة ثالث خصم على التوالي من صفوف الملاكمين المدعومين من المروج فرانك وارن، وهو بطل بريطانيا الجديد ديفيد أدِيلاي(14 فوزًا، 1 خسارة، 13 بالضربة القاضية)، وذلك بعدما تقاسما نفس الأمسية القتالية على حلبة "كو-أوب لايف".

ونظرًا للطابع المثير للجدل في نزال أدِيلاي الأخير ضد شريكه السابق في المعسكر التدريبي، جيامي تشيكيفا (8 فوز، 2 خسارة، 5 بالضربة القاضية)، بالإضافة إلى أنهما طُلب منهما خوض نزال إعادة فوري، لم يكن مستغربًا أن تثير هذه المواجهة القادمة بعض التساؤلات عندما أُعلن عنها الأسبوع الماضي.

كما تركز جزء كبير من الحديث بعد تلك الأمسية على التكهنات حول ما إذا كان "موسى إيتاوما"، الحاصل على لقب "موهبة العام 2024" من مجلة ذا رينج، سيُزج به في تحدٍ هو الأكبر في مسيرته حتى الآن ضد هيرغوفيتش.

فالملاكم الشاب، البالغ من العمر 20 عامًا، لم يحتج سوى أقل من جولة واحدة للتخلص بشكل مدوٍ من ديمسي مكين، في حين أن الأخير كان قد خاض نزالًا شاقًا من 12 جولة قبل 16 شهرًا أمام خصم أسترالي أعسر، متهور وليس لديه ما يخسره، واستغرق الأمر تقريبًا الجولة بأكملها حتى يتمكن من السيطرة عليه.

حذّر فيليب هيرغوفيتش فريق موسى إيتاوما من التسرع في دفعه إلى القمة، وفي ذلك الوقت، صرّح المدرب أبيل سانشيز لمجلة ذا رينج قائلاً:

"أنا لا أمانع أن يواجه [هيرغوفيتش] أي أحد، لكن بعض الملاكمين الشباب عليهم أن يثبتوا جدارتهم أولًا – ليس فقط أحقيتهم بالمواجهة، بل باستحقاقهم للقب 'محارب' مثل جو [جويس]، ديليان وايت، ديريك تشيسورا، وفيليب – هؤلاء أثبتوا أنفسهم بالفعل. أما الآخرون، فلا يزال الطريق أمامهم طويلاً."

لكنّ "رياضيات الملاكمة" ليست بهذه البساطة. فإيتاوما(12انتصارا بدون هزيمة، 10 بالضربة القاضية) عاد مؤخرًا بفوز بالضربة القاضية في الجولة الثانية على الأمريكي مايك بالوغن في غلاسكو الشهر الماضي، ومع ازدياد المطالب برؤيته في اختبار حقيقي، باتت اختيارات خصومه تزداد تدريجيًا من حيث الصعوبة.

ومع إدراجه مؤخرًا كالمصنف الأول في تصنيف منظمة الـWBO، يستعد إيتاوما لقيادة أمسية قتالية في الرياض، المملكة العربية السعودية، في 16 أغسطس، بمواجهة المرتقبة ضد ديليان وايت(31 انتصارا -3 هزائم، 21 بالضربة القاضية)، الذي يكبره بـ17 عامًا، وكان من المفترض أن يواجه جو جويس قبل انسحابه بسبب إصابة مروعة في الإصبع.

ويعتقد كثيرون أن هذه المواجهة ستكون بمثابة عرض استعراضي آخر للموهبة الشابة التي يدربها بن دافيسون، نظرًا لتراجع نشاط وايت وتدهور حالته البدنية في السنوات الأخيرة. سانشيز يتفق مع هذا الرأي.

وقال سانشيز لمجلة ذا رينج:

"هذه مواجهة ليُظهر للعالم أنه جاهز لمستوى النخبة."

"ديليان محارب ومخضرم وقدّم أداءً جيدًا، لكن أعتقد أن هذه ستكون آخر نزال له، وتتويجًا لنجم جديد في الوزن الثقيل. إما هذا، أو أن النزال سيُظهر لموسى وفريقه أنهم لا يزالون بحاجة لبعض الوقت. إذا فاز بطريقة مقنعة، سنشهد ولادة النجم الصاعد الذي تحدث عنه الجميع."

في نفس الوقت، زميل إيتاوما في الصالة الرياضية، فابيو ووردلي(19 انتصارا بدون هزيمة-1تعادل، 18 بالضربة القاضية)، قدّم أداءً مذهلًا حين حقق فوزًا بالضربة القاضية في الجولة العاشرة على جاستيس هوني في مسقط رأسه إبسويتش هذا الشهر. وعندما سُئل سانشيز عن رأيه في تلك الليلة المجنونة التي تجسّد جاذبية قسم الوزن الثقيل، ضحك قائلًا:

"الأمر لا يُحسم إلا مع آخر جرس. جميعهم يمتلكون قوة ضرب في هذا الوزن – بغض النظر عن من يكونون. سواء كنت تملك قوة أو لا، عندما تلقي بـ250 رطلاً خلف ضربة وتصيبها في المكان الصحيح، ستكون مدمرة. فابيو لم يستسلم أبدًا، وكان جاستيس يفوز في كل الجولات، لكنه تهاون في لحظة، ودُفع الثمن."

في ظهوره الثاني تحت إشراف مدربه الجديد آدم بوث، بدا ديفيد أدِيلاي بمستوى عادي وبإيقاع واحد تقريبًا خلال نزاله ضد جيامي تشيكيفا، وذلك رغم أنه كان قد حقق فوزًا سريعًا ومثيرًا على بطل إنجلترا السابق سولومون داكرز في ديسمبر.

وقد شعر كثير من المتابعين أن أدِيلاي لم يفز بأي جولة في ذلك النزال، وأنه كان يُدار ببراعة من قِبل الملاكم الأكبر سنًا، قبل أن يسدد الخطاف الأيسر العنيف الذي كان بداية نهاية مثيرة للجدل.

أدِيلاي، الذي يحترف الملاكمة منذ ست سنوات، خاض عددًا أقل بكثير من الجولات المكتملة (92 مقابل 50) مقارنةً بهيرغوفيتش، وكانت معظم نزالاته ضد خصوم بمستوى أقل. ومع ذلك، فإن القوة تبقى عنصرًا قادرًا على قلب الموازين، ولا يمكن الاستهانة بها، لكن المدرب سانشيز لا يزال غير مقتنع بما شاهده حتى الآن.

قال سانشيز:

"شاهدته، إنه ملاكم جيد ومصنف ضمن الوزن الثقيل. شاهدت له تسجيلات، منها نزاله ضد ووردلي وكذلك نزالُه الأخير، لكن هل هو جيد بما يكفي لمستوى النخبة؟ لا أعتقد ذلك، وسنكتشف قريبًا."

أدِيلاي، المصنف رقم 10 في تصنيف منظمة الـWBO، فاز بلقب أوروبا التابع للمنظمة ودافع عنه مرة واحدة، قبل أن يتلقى أول هزيمة في مسيرته على يد فابيو ووردلي في الرياض خلال أكتوبر 2023.

أما فيليب هيرغوفيتش، المصنف السادس عالميًا في الوزن الثقيل حسب مجلةذا رينج، فهو يحتل المركز الثاني في تصنيف الـWBO، ويظهر أيضًا ضمن أول ستة مصنفين في تصنيفات الـWBC والـIBF.