الملاكم المندفع وصاحب الضغط الهجومي
شون بورتر حصد نسختين من ألقاب وزن الويلتر خلال عقد الـ2010.
وُلد بورتر، وهو الثالث بين أربعة أطفال، في كليفلاند – أوهايو، في 20 أكتوبر 1987. ولا يتذكر فترة من حياته لم تكن الملاكمة جزءًا منها.
«بدأت الملاكمة و أنا في الخامسة من عمري، قبل أن أدخل المدرسة فعليًا. أعتقد أن ذلك كان أسلوب والدي ليُبقيني على الطريق الصحيح.
ربما عندما بلغت العاشرة أو الحادية عشرة فقط بدأت أفهم ما الذي أفعله. قبل ذلك، كنت أقاتل من أجل الكؤوس، ولم أكن أحب مشاهدتها حقًا.»
وبما أن بورتر بدأ الملاكمة في سن مبكرة، فليس من الغريب أنه حقق مسيرة مميزة في الهواة؛ إذ تُوج ببطولة بان أمريكان كاديتس عام 2004، ونال الميدالية الفضية في بطولة الولايات المتحدة الوطنية لعام 2006 و2007 و2008، ومثّل بلاده في بطولة العالم للناشئين 2006، كما أحرز ذهبية القفازات الذهبية عام 2007، قبل أن تتوقف مسيرته الأولمبية عند نصف نهائي تجارب 2008 أمام دانييل جاكوبس.
لكن ما يلفت أكثر أنه سجل انتصارات على كل من جاكوبس وديمتريوس أندريد و
أولكسندر أوسيك في مرحلة الهواة.
يقول بورتر:
«واجهت أولكسندر أوسيك بوزن 75 كلغ، ولم يكن حينها بالمستوى الذي نعرفه اليوم. خضنا أربع جولات مدة كل منها دقيقتان، وفق نظام النقاط الإلكتروني.»
كانت الوتيرة مختلفة تمامًا، وتيرة سريعة على طريقة الهواة. أذكر أن الفارق بالنقاط كان ضئيلًا جدًا، ربما نقطة أو نقطتين بعد ثلاث جولات، ثم تفوقت في الجولة الأخيرة بفضل يمينية قوية وجهتها له، وفزت بالنزال بفارق نقطتين تقريبًا.»
لم تكن الملاكمة الرياضة الوحيدة التي مارسها بورتر، إذ كان لاعب كرة قدم أمريكية موهوبًا في المدرسة الثانوية، وتلقى عروضًا من جامعات. لكنه فضّل البقاء في الملاكمة مع والده، قائلًا:
«كنت أعلم ما سأفعله وما سيفعله أبي. قلت له: لنذهب. أعتقد أنه تفاجأ حين قررت عدم الاستمرار في كرة القدم.»
اختتم بورتر مسيرته في الهواة برصيد لافت بلغ 276 انتصارًا مقابل 14 هزيمة، قبل أن يستهل مشواره الاحترافي بمواجهة نورمان جونسون في أكتوبر 2008.
قال عن بدايته:
«وزنت يومها 165 رطلاً بالملابس والأغراض في جيبي لأن خصمي الأصلي انسحب، وجاؤوا بآخر بوزن أثقل. لم أره من قبل، لكن لم يهمني، فقد تعودنا في البطولات أن نقاتل من لا نعرف. عندما قرع الجرس شعرت بدهشة: "يا إلهي، أنا أخوض نزالًا حقيقيًا." ولم يستغرق النزال أكثر من دقيقة.»
خاض بورتر نزالاته التالية بين وزن المتوسط الخفيف والويلتر، حتى قرر والده الارتقاء به إلى مستوى أعلى، فاصطحبه إلى لوس أنجلوس ليكون شريك تمرين لـماني باكياو قبل نزال ميغيل كوتو، حيث أعجب به المدرب فريدي روتش.
بعدها بدأ يصنع اسمه بانتصارات على راي روبنسون (قرار إجماعي من 10 جولات) وألفونسو غوميز (قرار إجماعي من 10 جولات). لكن تعادله مع خوليو دياز (تعادل من 10 جولات ) كشف تراجع مستواه حينها. ثم عاد ليتغلب على فيل لو غريكو ودياز في نزال ثأري، ما منحه فرصة لمواجهة بطل الـIBF ديفون ألكسندر في ديسمبر 2013.
قال بورتر:
«لم يتوقع الكثيرون أنني سأهزم ألكسندر، لكن ذلك كان دافعًا كافيًا لأُثبت أنني لست مجرد ملاكم فحسب، بل قادر أيضًا على أن أُقدّم أداءً مميزًا. بعد ذلك الانتصار، أدركت أنني وصلت فعلًا… ولا مجال للعودة إلى الوراء.»
توج بورتر بلقبه الأول بعد فوزه بقرار إجماعي من 12 جولة، ثم نجح في الدفاع عنه باكتساح حين أسقط بولي ماليناجي بالضربة القاضية الفنية في الجولة الرابعة، قبل أن يتعرض لأول هزيمة في مسيرته على اللقب أمام كيل بروك في أغسطس 2014.
قال:
«قبل مواجهة كيل، كنت أظن أن مهاراتي تكفي لأي خصم. لكن بعد هزيمتي، تعلمت أن التخطيط التكتيكي أساسي. بروك هزمني بجاب أساسي فقط.»
عاد ليفوز على إريك بون (بالضربة القاضية الفنية في الجولة الخامسة)، قبل أن يحقق انتصارًا بارزًا على مواطنه أدريان برونر (قرار إجماعي من 12 جولة) في يونيو 2015. قال بورتر عن تلك الليلة:
«كنا نعرف برونر منذ الهواة، ونعرف نقاط ضعفه. أعتقد أن معدل ذكائي في الحلبة غالبًا ما يُقلَّل من شأنه لأنني أقاتل بإيقاع سريع، لكن في الحقيقة كنت أقاتل بسرعة وأفكر بسرعة أيضًا.»
هذا الفوز منحه فرصة لمواجهة بطل الـWBA كيث ثورمان في يونيو 2016، لكنه خسر بقرار إجماعي (7 جولات مقابل 5). قال:
«كل ما كان يهمني هو أن أمنحه أول هزيمة، لا اللقب. وأعتقد أن نظام التحكيم لم يكن منصفًا.»
لاحقًا، فاز مرتين ليحصل على فرصة ثانية على اللقب، وتمكن من هزيمة داني غارسيا في سبتمبر 2018 بقرار إجماعي لينال حزام WBC.
قال:
«ذلك اللقب عنى لي الكثير، خصوصًا أن بطلي المفضل مارفن هاغلر حمله من قبل.»
دافع بورتر عن لقبه بفوز صعب على يوردينيس أوجاس (قرار منقسم من 12 جولة)، ثم خسره أمام إيرول سبنس جونيور (قرار منقسم من 12 جولة) في نزال توحيد الألقاب عام 2019.
ظل حاضرًا بفوزه على سيباستيان فورميلا (قرار إجماعي من 12 جولة)، قبل أن يخوض آخر نزالاته ضد تيرينس كروفورد في نوفمبر 2021، حيث خسر بالـضربة القاضية الفنية.
قال عن ذلك:
«قاتلت بإيقاع بطيء طوال النزال، بينما هو رفع الإيقاع ولم أستطع مجاراته.»
كان ذلك آخر ظهور لبورتر في الحلبة. أنهى مسيرته الاحترافية بـ 31 فوزًا (17 بالضربة القاضية) – 4 هزائم – تعادل واحد.
اليوم، بورتر (37 عامًا) متزوج وله ثلاثة أبناء، يعيش في لاس فيغاس، ويعمل محللًا للملاكمة عبر منصات مختلفة، ويدير بودكاست خاص به بعنوان The PorterWay. كما أطلق خطًا للبدلات الرجالية بدأ يشق طريقه إلى المتاجر. ورغم اعتزاله، لا يزال مرتبطًا بالملاكمة، إذ خاض مؤخرًا حصة تدريبية مع بطل الـIBF جيرون إنيس.
وقد تحدث لمجلة
ذا رينج عن أفضل الخصوم الذين واجههم في مسيرته، عبر 10 فئات رئيسية.
أفضل جاب (اللكمة الأمامية)
كيل بروك: «امتلك جابًا قويًا وخطة لعب ممتازة. كانت خطته أن يصدمني بالجاب أثناء دخولي ثم يشلّ حركتي حتى لا أتمكن من تنفيذ هجماتي… وقد نجحت خطته تمامًا.»
أفضل دفاع
لا أحد: «سؤال رائع… في الحقيقة، تمكنت من الوصول إلى جميع خصومي تقريبًا. البعض كان معروفًا بدفاعه مثل بولي ماليناجي وديفون ألكسندر، لكن لم يستطيعا منعي. حتى كروفورد، لم يستخدم قدميه بطريقة مذهلة تُبقيني بعيدًا، ولا حرّك رأسه بشكل يمنعني، ولم يصد ضرباتي. لا أستطيع أن أقول إن هناك ملاكمًا واجهته وامتلك أفضل دفاع. كنت أنا دائمًا حاضرًا في كل نزال.»
الأكثر سرعة في اللكمات
تيرينس كروفورد: «أرجّح أنه كروفورد، فاللكمات القليلة التي أسقطني بها لم أرها أصلًا [يضحك]. صحيح أنني ساعدته ببعض أخطائي، لكنها كانت ضربات سريعة جدًا. أما ديفون وبولي، ورغم سمعتهما بسرعتهما، فلم يتركا عندي أي انطباع مبهر.»
الأبرع في المناورة بالقدمين
كيث ثورمان: «كان يعرف كيف ينزلق للخارج ويبتعد عنك. أعتقد أنه إذا كان هناك أحد واجهته يجيد استخدام قدميه حقًا، فهو كيث ثورمان.»
الأذكى
تيرينس كروفورد: «أذكى ملاكم واجهته. يُقال عنه إنه "يقرأ" خصمه خلال الجولات الأولى ثم يفعل ما يلزم لإنهائه. لم أر ذلك بنفسي، لكنني شعرت أنني أربك حساباته كثيرًا حتى غيّر أسلوبه فجأة وقال في نفسه: حان وقت الحسم. و عندما فعل ذلك رأينا جميعًا النتيجة.
إنه يفكر بمستوى رفيع جدًا؛ لطالما تمكنت من خداع كل خصومي، سواء في الهواة أو المحترفين، باستثناء كروفورد… فهو الوحيد الذي لم أستطع التلاعب به.»
الأقوى بدنيًا
إيرول سبنس جونيور: «الأقوى بدنيًا كان إيرول، إلى جانب كروفورد، لكنني أرجّح إيرول. كان صلبًا للغاية؛ فعندما أوجه له الضربات يرد مباشرة بلا تردد. كثيرون مثل كيث ثورمان كانوا يحاولون اقتناص اللحظات للهروب، أما إيرول فكان يواجهني وجهًا لوجه. كنت أفرض عليه القتال، ومع ذلك لم يتراجع، وكان يملك من القوة ما يكفي لتحمّل كل ما قدمته.»
أقوى تحمّل للضربات
داني غارسيا: «كنت أعتقد أنني سأحطمه نفسيًا ثم جسديًا. نعم، أثرت عليه نفسيًا قليلًا، لكن لم أكسر صلابته الجسدية أبدًا. إنه ملاكم قوي جدًا، رغم أن آخر نزال له لم يُظهر ذلك بوضوح.»
أقوى ضارب (لكمات)
تيرينس كروفورد: «أُطلق عليهم لقب "أصحاب اللكمات المدوية" (Thumpers)؛ أولئك الذين تُخلّف ضرباتهم أثرًا ثقيلًا و مؤلمًا. أكثر ثلاثة جعلوني أشعر بقوتهم هم: داني غارسيا، إيرول سبنس، وتيرينس كروفورد. لا أستطيع ترتيبهم بدقة، لكن بما أن كروفورد هو الوحيد الذي أوقفني، فأنا أعتبره الأقوى بينهم.»
الأفضل من الناحية الفنية
تيرينس كروفورد: «المنافسة هنا بين كيث ثورمان وتيرينس كروفورد، لكنني أرجّح كروفورد، لأنه ملاكم بالفطرة وموهوب من الله. ثورمان طوّر أسلوبه بجهده وعمله، أما كروفورد فجمع بين الموهبة الطبيعية والعمل الجاد معًا.»
الأفضل على الإطلاق
تيرينس كروفورد: «بلا شك، إنه كروفورد. لم أدخل الحلبة مع ملاكم يمتلك كل شيء كما هو الحال معه. أوسيك، مثلًا، كان ملاكماً أعسر طويل المدى يجيد الهجمات المرتدة، لكنه لم يكن ملاكماً شاملًا يتملك كل الأسلحة. أما كروفورد، فيستطيع أن يفعل كل شيء. وأنا بدوري كنت أمتلك قدرات متنوعة، لكنني لم أواجه قط ملاكمًا جمع كل تلك القدرات… وهذا ما يجعله أعظم من واجهت.»
المقال بقلم آنسون وينرايت لمجلة ذا رينج
للتواصل: elraincoat@live.co.uk
على X: