عندما يلتقي كانيلو ألفاريز وتيرنس كروفورد في لاس فيغاس خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر، سيكون هناك وجه مألوف في المشهد: ريتشارد شيفر يعود إلى عالم الملاكمة.
وُلد شيفر، البالغ من العمر 63 عاماً، ونشأ في سويسرا. كان والده مصرفياً ناجحاً، فسار على خطاه. وفي عام 1981، جاء إلى الولايات المتحدة لدراسة الفوارق بين النظامين المصرفيين الأمريكي والأوروبي. وبحلول عام 1997، أصبح نائب الرئيس التنفيذي لعمليات المصرفية الخاصة في بنك UBS بالولايات المتحدة. كانت حياة من الثراء في القطاع المالي تنتظره، لكنه غيّر مساره.
شيفر كان معجباً بالملاكمة منذ طفولته. ويقول: "أتذكر عندما كنت صبياً أنني كنت أستيقظ في منتصف الليل، أتسلل إلى غرفة المعيشة وأشغّل تلفزيوننا القديم بالأبيض والأسود لمشاهدة محمد علي من دون صوت حتى لا أوقظ والديّ."
بذور انتقال ريتشارد شيفر من عالم المصارف إلى مهنة في الملاكمة زُرعت عام 1994 عندما تزوج.
قال لاحقاً متذكراً: "ليليا كانت سكرتيرة قانونية في مكتب محاماة له فرع في نفس مبنى البنك. كنا نلتقي من حين لآخر، لكن احتجت إلى ستة أشهر لأجد الشجاعة لدعوتها للخروج. وأخيراً، كنا وحدنا في المصعد ذات صباح، فاغتنمت اللحظة."
أحد أبناء أشقاء ليليا كان راؤول خايمس، الذي كان يعمل حينها عن قرب مع أوسكار دي لا هويا. ومن خلال راؤول، التقى شيفر بدي لا هويا. لنقفز إلى عام 2000: كان دي لا هويا قد خسر لتوه أمام فيليكس ترينيداد، وأراد أن يبني محفظة أعمال استعداداً لما بعد مسيرته في الملاكمة. لكنه لم يكن يعرف كيف، فطلب المساعدة.
قال شيفر بعد سنوات: "لم أكن لأتخلى عما كنت أملكه في البنك فقط من أجل الانخراط في مسيرة أوسكار بالملاكمة. ما أثار حماسي كان رؤية أوسكار للمستقبل. السوق اللاتيني قوي في الولايات المتحدة. كنت مدركاً للشعبية الهائلة التي يحظى بها أوسكار، وشعرت أنه قد يصبح علامة تجارية مهمة. جلست مع أوسكار ومحاميه وقلت: هذا ما أحصل عليه في البنك، وهذا ما أريد أن تدفعوه لي. قالوا نعم، وهكذا عقدنا الصفقة."
استقال شيفر من عمله في بنك UBS. ويقول متذكراً: "كان والداي غاضبين للغاية."
أول تحدٍ واجهه ريتشارد شيفر في دوره الجديد كان كيفية بناء إمبراطورية أعمال حول أوسكار دي لا هويا. كان يريد أن يفعل معه ما فعله مارك ماكورماك مع أرنولد بالمر، وما فعله ديفيد فالك مع مايكل جوردان. وبإشراف شيفر، توسعت محفظة دي لا هويا لتشمل استثمارات واسعة في العقارات والإعلام، إضافة إلى حصة كبيرة في نادي هيوستن دينامو لكرة القدم في الدوري الأميركي. لكن شركة غولدن بوي بروموشنز أصبحت أولوية شيفر القصوى.
بنى شيفر شركة غولدن بوي لتصبح قوة كبرى في مجال ترويج نزالات الملاكمة. وكان كون دي لا هويا ملاكماً نشطاً يمنحهما نفوذاً كبيراً مع شبكة HBO، الممول الرئيسي لتلك الحقبة. لكن الملاكمين روي جونز ولينوكس لويس كان لهما نفوذ مماثل وأسسا شركات ترويجية أيضاً، ومع ذلك لم تحقق شركاتهما نجاحاً طويل الأمد. الفرق كان في شيفر، المعماري الحقيقي لغولدن بوي. لكن مع مرور الوقت، بدأ يصاب بالإحباط، معتقداً أن مشكلات دي لا هويا الشخصية تعيق تطور إمبراطورية غولدن بوي كما ينبغي.
يقول شيفر: "كان هناك أوسكاران: أوسكار الذي بدأت العمل معه في البداية، ثم أوسكار آخر لاحقاً."
في المقابل، بدأ دي لا هويا يعتقد أن شيفر لم يكن يفي بالتزاماته الائتمانية تجاه الشركة. حدث انقسام قبيح تبعته دعاوى قضائية انتهت بتسوية تضمنت دفع ملايين الدولارات لشركة غولدن بوي.
يقول شيفر: "كنت مع أوسكار من عام 2000 حتى 2014، أمارس شيئاً أحببته. قضينا 14 عاماً عظيماً معاً، ثم ثلاثة أشهر سيئة للغاية في النهاية."
في عام 2016، عاد شيفر إلى الملاكمة بدعم من مستثمرين مؤسسيين وأسّس شركة Ringstar Sports. وقال: "وقعنا عقوداً مع جو جويس وتوني يوكا مباشرة بعد الأولمبياد، وكان لدينا أيضاً بعض الملاكمين الواعدين الآخرين."
في الوقت نفسه، كان ريتشارد شيفر يساعد كالِه ساورلاند في بناء بطولة السلسلة العالمية للملاكمة، التي شكّلت منصة انطلاق لكلٍ من
أولكسندر أوسيك و
ناويا إينووي.يقول شيفر: "ثم جاء DAZN وإيدي هيرن. لقد غيّروا هيكل الدفع بالكامل وجعلوا من الملاكمة عملاً لا يُدار كعمل تجاري حقيقي. أنا لا أحب أن أعمل في مشروع غير مستدام، لذلك قررت التراجع وأوقفت نشاط Ringstar."
في عام 2021، عاد شيفر من جديد إلى الساحة.
هاريسون ويتمَن (المستشار القانوني السابق لشركة Top Rank) طلب من شيفر أن يجتمع مع مجموعة رجال أعمال لمناقشة إدارة شركة ترويج جديدة تُدعى Probellum، أسسها علي شمس بور، مالك نادي غلينتوران في أيرلندا الشمالية.
وافق شيفر على أن يكون رئيساً لشركة Probellum، فيما تولى إريك وينتر (مسؤول تنفيذي سابق في UFC) منصب الرئيس التنفيذي للعمليات، وأسندت إلى أنطوني بيتوسا، الذي يمتلك خبرة عقد كامل في إنتاج الفعاليات مع UFC، مهمة صياغة الشكل والمحتوى البصري للمنصة. أما أنطوني كاتانزارو، المستشار السابق للملاكمة في مركز باركليز، فكان مقرراً أن يصبح نائب رئيس العمليات التجارية.
وقال شيفر في مقابلة مع ESPN إن Probellum ستتبع نهجاً عالمياً في الترويج للملاكمة مع إعطاء الأولوية للأسواق التي أُهملت في السابق. وأُعلن عن اتفاقيات مشاركة في الترويج مع شركات في لاتفيا وأستراليا وغانا، مع الوعد بوجود "أكثر من مئة إعلان خلال الأيام والأسابيع المقبلة".
وتعهد شيفر بأن تدعم Probellum الملاكمة "من المستوى القاعدي وحتى نزالات البطولات الكبرى"، وأن تُنظم أو تشارك في تنظيم ما يقرب من 100 فعالية في عامها الأول، على أن يُقام 80 إلى 90 بالمئة من هذه الفعاليات خارج الولايات المتحدة.
قال شيفر: "نريد أن نتعاون مع كل المروجين، ونريد أن نتعاون مع كل المديرين."
لكن ظهرت مشكلة.
فقد ارتبط اسم Probellum بدايفيد كيناهان. وفي 11 أبريل 2022، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على كيناهان إلى جانب ستة أشخاص آخرين وثلاث شركات كان يُعتقد أنه يتعامل معها، بسبب ما وصفته الحكومة بدوره كـ "زعيم لمجموعة كيناهان الإجرامية المنظمة".
يقول شيفر: "مثل أي مروج آخر في العالم، كنا نتعامل مع دانيال كيناهان. ثم انفجرت الفضيحة وانهار كل شيء."
وفي عام 2023، أصبح شيفر رئيساً لشركة Anthem Sports الكندية، المتخصصة في الفنون القتالية المختلطة والمصارعة. لكنه لم يجد نفسه هناك، وكان يفتقد عالم الملاكمة. ثم في مطلع عام 2024، طلب فلويد مايويذر منه العمل مع Mayweather Promotions.
يقول شيفر: "قررت أن أعود لما أعشقه. لذلك تركت شركة Anthem. لم أكن أبداً الرئيس التنفيذي لـ Mayweather Promotions، هذا مجرد شيء قاله فلويد للإعلام. استمتعت بالعمل معه، لكنني كنت أريد أن أفعل المزيد."
وهذا يقودنا الآن إلى شيفر و كانيلو ألفاريز.
قال ريتشارد: "في ديسمبر الماضي، اتصل بي كانيلو وطلب أن نلتقي لنتحدث عن إعادة هيكلة أعماله. كنا دائماً على علاقة طيبة. تعود علاقتنا إلى أيامه الأولى حين كان شاباً يقاتل مع غولدن بوي. اجتمعنا وتحدثنا، وقلت له إنني سأكون فخوراً بالعمل معه."
بات شيفر الآن يشرف على جميع مشاريع ألفاريز التجارية إلى جانب إدارة محفظته الاستثمارية. إدي رينوسو، الذي يعمل مديراً له إلى جانب كونه مدربه، رحّب بمشاركته في القرارات الإدارية الخاصة بالملاكمة.
في الماضي، كانت هناك بعض التوترات بين ألفاريز وتركي آل الشيخ. لكن شيفر أثبت أنه دبلوماسي بارع.
قال شيفر: "أول ما فعلته من أجل كانيلو هو ترتيب لقاء مع معاليه في لندن في يناير [على هامش جوائز مجلة رينج] لتسوية الخلافات بينهما. وخلال 24 ساعة أبرمنا صفقة من ثلاث نزالات، ثم أصبحت أربعة عندما أضاف معاليه نزال مايو في الرياض أمام ويليام سكول."
وأضاف: "هناك أوجه تشابه بين أعمال كانيلو وأوسكار. لكن مع أوسكار كنا نبني محفظة أعمال من الصفر. أما كانيلو، فقد كان لديه مصالح تجارية ضخمة قبل أن أبدأ العمل معه. كما أن لكانيلو حضوراً مختلفاً. هو محبوب في المكسيك، والفخر الذي يحمله في تمثيل بلاده نابع من القلب. لدى كانيلو الآن أكثر من 30 مشروعاً في المكسيك. يجني أموالاً خارج الحلبة تفوق ما يكسبه داخلها. وأعتقد بصدق أنه قريباً سيكون أول مقاتل في التاريخ تتجاوز ثروته الصافية مليار دولار."
هل قد تشمل مصالح ألفاريز التجارية الترويج للملاكمة؟
يقول شيفر: "لم أكن أخطط للعودة إلى مجال الترويج مجدداً، لكن الملاكمة في المكسيك أشبه بالدين. والآن لا أحد يستثمر في صناعة ملاكمين مكسيكيين شباب. إذا أُديرت شركة ترويجية تركز على المكسيك بشكل جيد، فقد تحقق نجاحاً هائلاً. وكانيلو سيكون مروجاً رائعاً. إنه ذكي جداً، يستمع ويتعلم. هل سيتجه للترويج؟ هذا ممكن. هناك فرصة وإمكانية، سواء في المكسيك أو الولايات المتحدة. من يعلم ماذا سيحدث مستقبلاً."
يعيش شيفر الآن في لوس أنجلوس. وهو متزوج من ليليا منذ 32 عاماً. أبناؤهما الثلاثة يعملون في وظائف جيدة ويتقدمون مهنياً. وعندما يتعلق الأمر بالاستثمار وتنمية الثروة، فإن شيفر بارع في تحويل المال إلى المزيد من المال.
يقول شيفر: "أقضي 100% من وقتي العملي الآن مع كانيلو. إنها وظيفة أحلام بالنسبة لي. كانيلو شخص يمكن الاعتماد عليه تماماً. إنه متعة العمل معه. أستيقظ كل صباح سعيداً وأحب ما أقوم به."
لكن، ما الذي يراه شيفر في مستقبل الملاكمة؟ في الماضي وصف "رياضة النبلاء" بأنها من الأصول غير المُقدَّرة حق قدرها في عالم الرياضة. فهل لا يزال يعتقد ذلك؟
أجاب: "بالتأكيد، بل أكثر من أي وقت مضى. انظر إلى تقييمات الرياضات الأخرى. بوسطن سيلتيكس بيعت هذا العام مقابل 6.1 مليار دولار. قبل عامين، بيعت واشنطن كوماندزر مقابل 6 مليارات. وهؤلاء المشترون حصلوا على فريق واحد فقط، وليس على دوري كامل. الملاكمة لها حضور عالمي. تجذب الناس في كل أنحاء العالم. والعوائد التي تأتي من حدث كبير في الملاكمة مذهلة."
وتابع: "لن يتمكن أحد من السيطرة على الملاكمة بأكملها. لكن الفرصة موجودة أمام من يملك الرؤية لإعادة تنظيم الرياضة. معاليه يملك رؤية. الأمر ليس هواية بالنسبة له. هل تستطيع TKO جعل برنامجها في الملاكمة مكتفياً ذاتياً؟ في الـUFC يحصل الملاكمون على 17% إلى 20% من الإيرادات. في الـNFL وNBA، تصل النسبة إلى 50%. في الملاكمة على أعلى المستويات، غالباً ما تصل إلى 80%. ربما يكون من الضروري خفض هذه النسبة قليلاً عن 80% لجعل الملاكمة عملاً قابلاً للاستمرار. لكن نسبة 17% إلى 20% لن تنجح. هناك الكثير من الأسئلة التي لم يُجب عنها بعد. الـ12 إلى 24 شهراً المقبلة ستكون مثيرة للغاية."
بريد توماس هاوزر: thomashauserwriter@gmail.com