في إحدى أكثر اللحظات الخاطفة للأنفاس هذا العام، وعندما كان الملايين يشاهدون عبر الشاشة الكبيرة، تحوَّل تيموثي برادلي – بطل العالم السابق والمحلل المخضرم – إلى مُعلّق مذهول وهو يصف الإعادة البطيئة لضربة قاضية وحشية وجهها روهان بولانكو إلى جان كارلوس توريس، في منتصف الجولة الثانية.

"ضربة يمنى شرسة في المنتصف... هذه على طريقة ناويا إينووي! انظر إلى توازنه، لا يتكئ على القدم الأمامية… زاوية ممتازة، وتركيب جميل للكمات. هل ترى ساقي توريس؟ الأمر يشبه زلزال يهز الجسد والعقل."

في تلك الليلة المضيئة في عيد الحب، وبينما أنهى كيشون ديفيس أمسية لاس فيغاس بانتصار ساحق على الأوكراني دينيس بيرينشيك ليحصد لقب WBO العالمي في وزن الخفيف، كان هناك نجم آخر يتصاعد من بين الظلال – نجم دومينيكاني اسمه روهان بولانكو.

بعد ثلاثة أشهر فقط، يعود بولانكو(15 إنتصار بدون هزيمة، 10 بالضربة القاضية) إلى الحلبة بعد ثالث فوز له على التوالي بالضربة القاضية، ليخوض أقوى اختبار في مسيرته أمام الأرجنتيني الصلب فابيان أندريس ميدانا(24 إنتصار-3 هزائم، 18 بالضربة القاضية)، في نزال من عشر جولات على أرضية واحدة من أكبر الأمسيات هذا العام – حيث يتصدر الأسطورة الياباني ناويا إينووي العرض بنفسه ضد رامون كارديناس، في أول ظهور له على الأراضي الأمريكية.

بالنسبة لبولانكو، هذا ليس مجرد نزال. إنها فرصة نادرة للتألق العالمي، وفرض اسمه ضمن طابور الملاكمين الذين يتنافسون على خوض نزالات كبرى في "عاصمة الملاكمة الجديدة" – الرياض.

خسر ميدانا ثلاث مرات فقط، ولم يُسقط سوى مرة واحدة، ولم يُهزم أبدًا بالضربة القاضية. يمتلك سيرة غنية كملاكم هاوٍ شارك في بطولات العالم للشباب، والألعاب الأولمبية للشباب، وخاض نزالات احترافية في المكسيك، كولومبيا، والأرجنتين، وحتى في أمسية كان نجمها جيرفونتا ديفيس.

وبعد خسارته على لقب WBC المؤقت في وزن الوسط أمام ماريو باريوس العام الماضي، عاد بقوة بفوزين متتاليين بالضربة القاضية، وانضم إلى معسكر إيدي رينوسو، مما جعله أكثر صلابة، وأخطر مما توحي به سجلاته.

روهان بولانكو، الذي شارك في أولمبياد طوكيو 2020 ويمتلك مسيرة هاوية ثرية، كان قد بدأ مسيرته الاحترافية في وزن الوسط، لكن حلمه لا يقف عند هذا الحد.

"هدفنا دائمًا كان لقب في وزن 140 رطل، ثم 147، ثم 154. رؤيتنا واضحة."

وكان من المقرر أن يواجه بولانكو ديريك كويفاس على لقب WBO المؤقت في نوفمبر الماضي، في حال غياب البطل بريان نورمان بسبب الإصابة. لكن الإصابات التي لحقت بنورمان وتطلبت جراحة جديدة في اليد أعاقت تلك الخطط.

بينما كان المسؤولون في "توب رانك" يخططون لنزال بولانكو على لقب مؤقت، دخل نورمان إلى الجراحة، ثم عاد بعدها بوقت قصير ليطيح بكويفاس بثلاث جولات، ويبدأ التفكير في الدفاعات القادمة، خاصة أمام الياباني جين ساساكي، المصنف الأول في WBO، في طوكيو يوم 19 يونيو المقبل.

في هذه الأثناء، لم يتوقف بولانكو عن التطور. ومن معسكره في سبرينغفيلد، ماساتشوستس، واصل تقديم عروض مقنعة، حيث أسقط الأرجنتيني المخضرم مارسيلينو نيكولاس لوبيز مرتين في نزال حاسم أنهاه بالضربة القاضية في الجولة السادسة.

"لم يُظهر بعد سوى جزء صغير من إمكانياته. عندما يُظهر سيطرته بالجاب، وضرباته إلى الجسم، واستخدامه الزوايا، سيصبح لاعبًا من النخبة."

عن سر قوته، يقول بولانكو:

"أتحكم بإيقاع النزال، أستطيع الرؤية بوضوح في المسافات القصيرة، وأوجه لكماتي من توازن صحيح. الأمر يتعلق بالتفاصيل، والإصغاء للمدرب، وتحسين الدفاع."

"هو شخص طيب جدًا خارج الحلبة، لكنه يتحول داخلها. لديه ذلك الجانب العدائي الذي لا يمكن تعليمه."

يخوض بولانكو خامس نزال له خلال 14 شهرًا. ومع ازدياد أهميته في تصنيفات WBO (المركز 10) وWBC (المركز 15)، يستعد لمعسكرات أطول، ونزالات أصعب، وتحديات أكبر.

ورغم أنه لم يتجاوز الجولة الثامنة حتى الآن، إلا أنه يتدرب باستمرار مع ملاكمين أثقل حجمًا، مثل الكوبي يوينلي هيرنانديز (7 إنتصارات بدون هزيمة، 7 بالضربة القاضية)، لضمان جهوزيته الكاملة لنزالات المستوى الأعلى.

"أنا فقط أبحث عن الخبرة"، يقول بولانكو. "أريد الاستمرار في التحسن."

والآن، ومع اقتراب ساعة النزال، تستعد الجماهير لمشاهدة "إل رايو" – البرق – بولانكو وهو يُطلق شرارته القادمة... وربما يكون الزلزال الذي تحدّث عنه برادلي في فبراير، مجرد البداية.