رولاندو بوهول، الملاكم الفلبيني الصلب الذي خرج من المجهول ليتربع على عرش وزن الذبابة، قبل أن ينتقل إلى أوزان أعلى ليواجه نخبة من أبرز الملاكمين في عصره.
وُلد بوهول، وهو الطفل الوحيد من زواج والدته الأول، في مدينة "هيمامايان" بمقاطعة نيغروس أوكسيدنتال الفلبينية، يوم 25 ديسمبر عام 1965. يقول بوهول في حديث لمجلة ذا رينج: "نشأتي كانت مليئة بالذكريات الجميلة. كان والدي مزارعًا. لم نكن أغنياء، لكن كنا نعيش حياة كريمة. في البداية، كنت مهتمًا بفنون القتال الصينية (الكونغ فو)، لكن والدتي كانت ترفض ذلك وتحثني على التركيز في تعليمي لأصبح مهندسًا. إلا أن القدر كان له رأي آخر".
دخوله عالم الملاكمة لم يكن مخططًا، بل بدأ كتدريب للدفاع عن النفس وهو في الثانية عشرة من عمره. ويضيف: "أول ذكرى لي مع الملاكمة كانت في مدرستي الثانوية. خضت نزالًا في مسابقة داخلية، وكنت خائفًا جدًا. كنت أنظر إلى أرضية الحلبة بدلًا من خصمي، واستخدمنا القمصان لتغطية أيدينا بدل القفازات. رغم ذلك، فزت في ذلك النزال، وكانت بداية قصة طويلة".
بعد ذلك، خاض بوهول بطولات إقليمية ووطنية، وحصد الميدالية الفضية في دورة الألعاب الفلبينية الوطنية عام 1983. "كانت الملاكمة مجرد هواية، لكن الشعور بالفرح الذي غمرني بعد كل انتصار جعلني أؤمن أنها قد تكون أكثر من ذلك"، يقول بوهول.
خاض أكثر من 40 نزالًا هاويًا قبل أن يتحول إلى الاحتراف في يناير 1984 بعمر 18 عامًا، وكانت أولى نزالاته أمام بيرت باكو وانتهت بالتعادل. "كنت متحمسًا جدًا لأول نزال احترافي. خضته لأربع جولات، وتلقيت 400 بيزو أجرًا. في ذلك الوقت، كان مبلغًا جيدًا"، يتذكر بوهول.
بعد أربعة انتصارات، نجح بوهول في الثأر من باكو خلال نزال الإعادة، حيث تفوّق عليه بقرار الأغلبية، ليرتفع رصيده إلى 13 فوزًا دون هزيمة، إلى جانب تعادلين. غير أن سلسلته توقفت عند أول هزيمة تلقاها على يد دادوي أندوجار. يقول بوهول: "كانت خسارة مؤلمة، لكنها منحتني دروسًا لا تُقدّر بثمن".
مع مواصلته التقدّم في التصنيف، أصبح بوهول المصنّف الأول لدى الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF)، غير أن اللقب كان آنذاك بحوزة مواطنه دوديي بينالوسا، وهو ما أثار تحفظات داخلية بشأن إقامة نزال بين بطلَين فلبينيين. إلا أن الحظ ابتسم له حين خسر بينالوسا لقبه لصالح الكوري الجنوبي تشانغ هو تشوي، وهو ما أتاح الفرصة لفريق بوهول للتفاوض على نزال اللقب، الذي أُقيم في العاصمة مانيلا في يناير 1988.
يقول بوهول عن ذلك النزال: "كان نزالًا صعبًا جدًا. تعرضت لإصابة برأسي في الجولة الثانية، وفي الجولة السابعة أُغلقت عيني اليمنى تمامًا، وخضت باقي النزال بعين واحدة حتى الجولة الـ15، وفزت بقرار الحكام. كانت لحظة تحقّق الحلم. بعدها، ذهبت مباشرةً إلى الكنيسة مع السيدة إلورد للصلاة، ثم بدأت جولات الإعلام والمقابلات الصحفية".
دافع عن لقبه في صالة أرنيتا التاريخية أمام الكوري جو وون بارك، وقال عن ذلك: "بارك كان ملاكمًا قويًا، سبق له أن هزم أربعة فلبينيين. فوزي أمام أكثر من 20 ألف متفرج، بحضور السياسيين ونجوم السينما والرياضة، كان لحظة مميزة".
لاحقًا، خسر بوهول لقبه في لندن أمام ديوك ماكنزي بالتوقف في الجولة الحادية عشرة، بعدما تعرّض لتورم في الجبهة وتشنّج في ساقيه حال دون استمراره. يقول بوهول: "بعد تلك الهزيمة، اتخذت قرار الانتقال إلى وزن السوبر ذبابة (115 رطلًا)، لأن الحفاظ على وزن الذبابة (112 رطلًا) كان يُشكّل تحديًا كبيرًا بالنسبة لي".
عاد بوهول بقوة وتُوّج بلقب آسيا والباسيفيك (OPBF) في وزن السوبر ذبابة، غير أن مسيرته شهدت انتكاسات لاحقة بهزائمه أمام مجموعة من أبرز الأسماء في فئته، مثل يوري أرباتشاكوف، ميغيل لورا، وجونيور جونز، ما دفعه لاحقًا إلى أداء دور "حارس البوابة" أمام المواهب الصاعدة في الوزن نفسه.
حقق بوهول أيضًا فوزًا مهمًا على البطل السابق دوديي بينالوسا، لكنه خسر أمام شقيقه غيري بينالوسا، كما واجه داورونغ تشواتانا وتايسي ماكالوس.
كان من المفترض أن يواجه بوهول المكسيكي خوليو بوربوا على لقب العالم في وزن السوبر ذبابة، لكن النزال أُلغي، ليُعرض عليه بدلًا من ذلك نزال في وزن البانتام ضد أورلاندو كانيزاليس، المصنّف عالميًا، فقبل به رغم الفارق الجسدي، وخسر بالضربة القاضية في الجولة الخامسة.
كان آخر نزال لبوهول في ديسمبر 1994 أمام جوني تابيا، حيث خسر بالضربة القاضية في الجولة الثانية، وقرر بعدها الاعتزال، بسجل بلغ 34 فوزًا، 15 هزيمة، و3 تعادلات، منها 7 بالضربة القاضية.
بعد الاعتزال، انتقل بوهول إلى هاواي حيث عمل في الفنادق، ثم أسس موقعًا تجاريًا على الإنترنت (24hourshopnet.com) بالتعاون مع أمازون، واستمر في العمل حتى تقاعده عام 2022 بعد جائحة كورونا.
اليوم، يعيش بوهول في لاس فيغاس، متزوج ولديه أربعة أبناء وستة أحفاد، ويبلغ من العمر 59 عامًا:
واختتم حديثه مع ذا رينج بتقييم أبرز خصومه في 10 فئات:
أفضل ضربة أمامية (جاب): يوري أرباتشاكوف.
أفضل دفاع: أورلاندو كانيزاليس.
أفضل حركة قدمين: كانيزاليس.
أسرع يدين: كانيزاليس.
الأذكى تكتيكيًا: كانيزاليس.
الأقوى بدنيًا: كانيزاليس.
الأكثر صلابة : تشانغ هو تشوي.
أقوى ضارب: جونيور جونز.
أفضل مهارات فنية: ميغيل لورا.
الأفضل على الإطلاق: أورلاندو كانيزاليس — "الملاكم المتكامل : ذكي، سريع، قوي، وذو حركة قدم ممتازة".
رولاندو بوهول... بطل لم ينَل حظه من الأضواء، لكن رحلته من ريف الفلبين إلى ألقاب الملاكمة العالمية تبقى شهادة حيّة على الإصرار والتفوق رغم التهميش.
لمن لديه أسئلة أو تعليقات، يمكن التواصل مع أنسون عبر البريد الإلكتروني:
elraincoat@live.co.uk
كما يمكن متابعته على منصة X (تويتر سابقًا) عبر الحساب: AnsonWainwright@.
تعليقات
0/500
انضم إلى عالم ذا رينج المميز! عش اثارة الملاكمة مع تقاريرنا الحصرية عن القتالات حول العالم.