عودة شركة Matchroom المنتظرة إلى قاعة يورك هول كانت حافلة بالأحداث، وتصدّرها نزال قوي على لقب بريطانيا في الوزن المتوسط بين كيرون كونواي و الملاكم الصاعد جورج ليدارد الذي لم يتذوق طعم الخسارة.

لكن قبل المواجهة الرئيسية، شهدت الأمسية سلسلة من نزالات المواهب الواعدة غير المهزومة، إلى جانب عدد من الملاكمين الذين دخلوا الحلبة وعينهم على إثبات الذات و إنهاء موسمهم لعام 2025 بأداء لافت على الأراضي البريطانية، وذلك ضمن عرضٍ مكوّن من ثمانية نزالات تم بثها عالميًا عبر منصة DAZN.

لم يكن الفوز بالطريقة التي كانت تتمناها، لكن شانون رايان خرجت منتصرة بعد أن تسبّب اصطدامٌ غير مقصود بالرأس في عدم قدرة كلوي واتسون على مواصلة القتال، لتنتهي المواجهة بعد أربع جولات كاملة من نزالهما المرتقب في وزن السوبر بانتام .

منذ الجولة الأولى، أظهرت رايان أداءً قويًا وسيطرة فنية واضحة، حيث بدأت بسرعة فائقة بينما بدت واتسون مترددة ومتأخرة في ردّ الفعل، تميل إلى التجمّد بدل المبادرة بالهجوم خلال التبادلات. وهو نفس السيناريو الذي كلّفها خسارتها السابقة أمام بطلة أوروبا ياسمينا زابوتوتشنا في 7 مارس الماضي — أول هزيمة في مسيرتها.

جاء هجوم رايان المبكر مفاجئًا للجميع، إذ استخدمت ضربات الجاب بذكاء و تحركت بخفة على أطراف الحلبة، بينما بدأ الانتفاخ يظهر سريعًا أسفل عين واتسون اليمنى في الجولة الثالثة، إثر اصطدام عرضي بالرأس في منتصف الحلبة.

رغم أن الرؤية كانت شبه معدومة، سمح لها فريقها بمواصلة القتال لجولة إضافية، بينما لم يتدخل الطبيب المشرف. حاولت واتسون تقديم أداء قتالي في الجولة الرابعة، لكن المسافة والتوقيت لم يكونا في صالحها، ما منح رايان فرصة لاستغلال الموقف والسيطرة على الإيقاع.

مع نهاية الجولة الرابعة، قرر الحكم إيقاف النزال بين الجولتين حفاظًا على سلامة واتسون، لتنتهي المواجهة بفوز شانون رايان — وإن كانت النتيجة بطريقة لم ترغب بها أي من الملاكمتين ، خاصة رايان التي كانت تتطلع لإكمال عرضها القوي حتى النهاية.

قدّم جيمي ساينز واحدًا من أفضل عروضه على الإطلاق، مظهِرًا دقة عالية في اللكم وضغطًا متواصلًا مكّناه من التفوق على خصمه تروي كولمان والفوز بلقب إنجلترا الشاغر في وزن المتوسط.

انسحب كولمان القادم من ستافوردشاير (14 فوزًا مقابل 4 هزائم، 6 بالضربة القاضية) قبل بداية الجولة الخامسة، بعد أن قرر فريقه إنهاء النزال بسبب تفوّق ساينز الواضح واستحالة قلب مجريات المواجهة لصالحه.

منذ البداية، لم تكن هناك فترة لجسّ النبض، إذ انخرط الملاكمَان مباشرة في القتال. وعلى عكس فوز ساينز السابق بالنقاط على غيديون أونياني في مايو الماضي، جاءت حرّيته الهجومية هذه المرة بنتائج مؤلمة لكولمان.

أظهر ساينز (11 فوزًا دون هزيمة، 10 بالضربة القاضية) قوة هجومية كبيرة، مستخدمًا يده اليمنى بفاعلية عالية واستهدافًا دقيقًا للجسد منذ البداية، قبل أن يتبادل الطرفان الضربات الخطافية في الجولة الثانية.

وجّه الحكم لي إيفري تحذيرًا لساينز بسبب الدفع المتكرر في المسافات القصيرة، لكن مع مرور الوقت بدا كولمان أكثر إنهاكًا، بينما حافظ ساينز على ثباته وتركيزه أمام محاولات خصمه العنيفة في الجولة الثالثة.

ومع جرحٍ فوق العين اليسرى ونزيفٍ من الأنف، بدأ ساينز في الجولة الرابعة يضبط إيقاعه بهدوء، محوّلًا النزال إلى نزال من طرف واحد وسط حماس جماهيري كبير، قبل أن يقرّر فريق كولمان إيقاف النزال بين الجولات رحمةً بملاكمهم.

قال ساينز بعد الفوز:

“أنا سعيد جدًا بالعودة إلى طريق الانتصارات بالضربة القاضية، إنه شعور رائع. لقد عملت وتدربت بجد لتحسين مستواي، واليوم أرى نتيجة هذا الجهد.”

وأضاف:

“هذا هو الحزام الثاني لي، ولا زال أمامي الكثير، لكن البداية ممتازة حتى الآن.”

وكان ساينز قد حقق في النصف الأول من هذا العام لقب منطقة الجنوب (Southern Area Title) بعد فوزه على أونيانّي، ليواصل بذلك عامًا حافلًا بالإنجازات.

لم يكن الفوز الأكثر نظافة في مسيرتها القصيرة، لكن الموهبة البريطانية الصاعدة تياه-ماي آيتون واصلت سلسلة انتصاراتها بالضربة القاضية بعد أن أنهت نزالها في الجولة الرابعة أمام الأرجنتينية لورا بيلين فالديبينيتو.

دخلت آيتون (3 انتصارات دون هزيمة، جميعها بالضربة القاضية) النزال وهي تسعى لتأكيد موهبتها في وزن البانتام ، لكنها لم تُخفِ إحباطها من أسلوب خصمتها الدفاعي البطيء، إذ لجأت فالديبينيتو إلى الإمساك المتكرر وإفساد الإيقاع كلما حاولت البريطانية فرض أسلوبها الهجومي، رغم أن آيتون البالغة من العمر 19 عامًا بدت خطيرة طوال الوقت خصوصًا عبر اليد اليمنى القوية.

بعد أن سقطت فالديبينيتو مرتين — الأولى في الجولة الثانية، ثم مجددًا بعد جولتين — قرر الحكم ماكافوي إيقاف النزال، وسط غضبٍ واضح من الزاوية الأرجنتينية التي احتجّت بشدة على أن الضربة الأخيرة جاءت خلف الرأس.

وأظهرت الإعادة التلفزيونية أن الاعتراض كان في محله، غير أن أحدًا لم يعترض على قرار الإيقاف، إذ لم يكن النزال مفيدًا كثيرًا لتطور آيتون الفني.

صرّح المروّج إيدي هيرن أن فريق Matchroom يخطط لرفع مستوى منافسات آيتون تدريجيًا، موضحًا أن الهدف هو أن تنافس على لقب بريطاني في وقتٍ مبكر من العام المقبل — ربما بعد نزالين أو ثلاثة فقط.

من جانبها، أعربت آيتون عن رغبتها في خوض نزالات أكثر جدية وصعوبة في المستقبل، مقدّمةً اعتذارها للجماهير عن النهاية التي وصفتها بأنها كانت “متوقعة”، في نزالٍ لم يقدّم لها الكثير من التحدي الفني.

في آخر نزالات الأمسية غير المنقولة تلفزيونيًا، واصل الواعد إيمانويل بوتيغيغ تألقه في وزن المتوسط بعد فوزه المستحق على المخضرم المالطي كريستيان شيمبري، ليُحسّن سجله إلى 10 انتصارات دون هزيمة في أول نزال من ثماني جولات يخوضه في مسيرته.

تعرض بوتيغيغ لجرحٍ في الجبهة نتيجة اصطدامٍ بالرأس في بداية النزال، لكنه لم يكن مهددًا في أي لحظة أمام خصمٍ محترف منذ أكثر من عقد اعتاد على تلقي الضربات للجسم.

ورغم محاولات شيمبري الرد بهجماتٍ معاكسة بين الحين والآخر، حافظ بوتيغيغ البالغ من العمر 20 عامًا على هدوئه وذكائه التكتيكي، ليحسم المواجهة بقرارٍ إجماعي على البطاقات بنتيجة 73-79.

ستة حاولوا من قبل، ولم ينجح أحد. لا يزال تايلور بيفان يحافظ على سجله المثالي بعد أن حطّم خصمه السلوفاكي لوكاس فيرنيزا، منهياً النزال في الجولة الخامسة من مواجهةٍ امتدت لثماني جولات.

جاء الإيقاف عند الدقيقة 1:17 من الجولة الخامسة — وهي أطول مدة يصمد فيها أي خصم أمام وصيف بطل ألعاب الكومنولث 2022 — ليستفيد بيفان من الخبرة بعد تفكيكه المتدرّج لمنافسه الصلب.

فاجأ فيرنيزا منافسه بيفان (6 انتصارات دون هزيمة، جميعها بالضربة القاضية) في بداية النزال بعدة ضربات يمينية دقيقة، ما دفع البريطاني إلى انتقاد نفسه لاحقًا بسبب استعجاله في البحث عن الضربة القاضية.

لكن النزال شكّل تجربة تعليمية جديدة له، أظهر خلالها تنوعه في الضربات للرأس والجسم.

لمّح المروّج إيدي هيرن إلى عودة محتملة لبيفان إلى ساوثهامبتون في المستقبل القريب، بعد الأداء القوي الذي اختتمه البريطاني بضربة مذهلة — يمينية للجسم أعقبها هوك يساري صاعق لم يره فيرنيزا قادمًا، ليسقط مرتين وسط مخاوف من كسرٍ في الفك.

قدّم آدم ماكا أداءً مهيمنًا في أول جولتين قبل أن يتعرض لموقفٍ صعب في الثالثة، لكنه عاد بقوة في الجولة الرابعة لينهي النزال بالضربة القاضية أمام الأرجنتيني خوان ألبرتو باتيستا، المحترف منذ أربع سنوات.

مكا، القادم من برايتون و الملاكم في وزن السوبر بانتام (3 انتصاراً -دون هزيمة، 3 بالضربة القاضية)، أكد بعد النزال أنه لم يتعرض للأذى، رغم أن جسده أظهر عكس ذلك بعد تلقيه ثلاث ضربات يمينية قوية جعلت ساقيه تتصلّبان للحظة في الجولة الثالثة، قبل أن يستعيد السيطرة بسرعة.

استثمر ماكا جيدًا في الضربات الموجهة إلى الرأس والجسم منذ البداية، ومع ضربتين يمينيتين قاسيتين تراجع باتيستا إلى الخلف، ليغتنم البريطاني الفرصة و يطلق سلسلة من اللكمات المتتالية أجبرت الحكم لي إيفري على التدخل وإيقاف النزال قبل أكثر من دقيقة على نهاية الجولة الرابعة.

في افتتاح الأمسية، حقق جيرمين ديلوايو فوزًا قويًا في وزن السوبر فيذر بعد أن أوقف المكسيكي ماريو فيكتورينو فيرا في الجولة الرابعة بفضل ضربة قوية للجسم.

فرض ديلوايو (7 انتصارات دون هزيمة، 3 بالضربة القاضية) سيطرته على النزال منذ بدايته، في حين فشل فيرا (8 انتصارات مقابل 10 هزائم، 3 بالضربة القاضية) — الأكبر منه بأربع سنوات — في مجاراة إيقاعه المتصاعد.

وجّه ديلوايو سلسلة من اللكمات إلى الجسم، قبل أن يسقط فيرا على الأرض متألمًا. حاول النهوض ومتابعة القتال، لكن الحكم شون ماكافوي أنهى العد عند 1:23 من الجولة الرابعة، معلنًا فوز ديلوايو بالضربة القاضية الفنية.