لا بد أن
مارك جيفرز قد اعتاد على انتظار تلك اللحظة في كل مقابلة صحفية؛ اللحظة التي تبدأ فيها الأسئلة عن
كالوم سيمبسون.
هذا الأسبوع، يخوض جيفرز (20 انتصارًا دون هزيمة، 7 بالضربة القاضية) نزالًا أمام الأمريكي شون همفيل (18 انتصارًا مقابل هزيمتين، 11 بالضربة القاضية)، وذلك ضمن البطاقة التمهيدية لنزال سيمبسون على اللقب الأوروبي أمام
إيفان زوكو. ومرة أخرى، سيكون محور الحديث الرئيسي هو التنافس المتنامي بينه وبين بطل بريطانيا والكومنولث الحالي في وزن فوق متوسط.
لكن تصوير جيفرز كأنه مجرد "خصم قادم لسيمبسون" يُقلل كثيرًا من قيمة ملاكم يبلغ 27 عامًا ويقيم في تشورلي.
فجيفرز، المعروف بصراحته وحديثه المباشر، يُعد من أكثر الشخصيات إثارة للاهتمام – رغم قلة تسليط الضوء عليه – في الملاكمة البريطانية.
فهو بطل سابق لبريطانيا في وزن فوق المتوسط، ويمتلك موهبة رياضية متعددة؛ إذ يُجيد لعب الكريكيت، والبلياردو، والجولف بمستوى عالٍ، وكان لاعب كرة قدم واعدًا في صغره.
كما يشارك بانتظام في سباقات "بارك ران" لمسافة 5 كيلومترات. ولا يركض فقط من باب الترفيه، بل تحدى نفسه مؤخرًا لكسر حاجز 18 دقيقة، وهو يدفع عربة طفله، ونجح بالفعل بتحقيق زمن قدره 17 دقيقة و57 ثانية.
لكن في عالم جيفرز، لا يُعتبر هذا التحدي أمرًا استثنائيًا.
يقول في حديثه لمجلة ذا رينج :
"توقفت قليلًا عن تحدياتي المجنونة لأنها كانت تستنزفني بشدة.
خضتُ أربعة ماراثونات في يوم واحد، وهذا دمّرني تمامًا – دون مبالغة – لمدة خمسة أو ستة أسابيع، ثم اكتشفت يوم الاثنين أنني سأخوض نزالًا بعد ستة أسابيع !
سقطت ثلاثة من أظافر قدمي، ولم أكن قادرًا على المشي، ورغم ذلك بدأت التحضير للنزال. لم يكن ذلك إعدادًا مثاليًا، لكنه كان درسًا أستفيد منه.
يدرك جيفرز أنه بلغ مرحلة لا يمكنه فيها دخول الحلبة إلا وهو في قمة لياقته البدنية. أما مغامرات الماراثونات الطويلة، فستعود لاحقًا بعد الاعتزال.
ويضيف:
"سأخوضها بكل تأكيد بعد الاعتزال. ما يجذبني فيها هو التحدي الذهني. لكن في الوقت الحالي، عليّ تأجيل ذلك حتى أنهي مسيرتي في الملاكمة.
ركضت ذات مرة من منزلي إلى منطقة البحيرات، مسافة تقارب 100 كيلومتر (62.5 ميل)، دون أي تدريب مسبق – أطول مسافة ركضتها قبلها لم تتجاوز خمسة أو ستة أميال.
استيقظت في الرابعة صباحًا يوم السبت وقلت لنفسي: (سأركض إلى هناك).
كان والديّ في المنطقة، فذهبت للقائهما. لم يكن هناك تخطيط حقيقي خلف الأمر."
ويُفضل جيفرز خوض التحديات داخل الحلبة، لكن رغم سجله الخالي من الهزائم وأسلوبه اللافت، لم ينجح حتى الآن في جذب نزال أمام اسم كبير.
في يوليو 2023، قبل نزالًا على لقب إنجلترا في وزن 168 رطلاً قبل أسبوعين فقط من موعده، وتمكن من التغلب على الملاكم المراوغ زاك تشيلي.
وكان من المفترض أن ينطلق للأمام بعد هذا الانتصار، لكن ما حدث أن تشيلي حصل على فرصة غير متوقعة لمواجهة جاك كولين على لقب بريطانيا، وفاز عليه، ثم خسر اللقب مباشرة أمام سيمبسون في أول دفاع له.
منذ ذلك الحين، خاض جيفرز أربع نزالات فقط، ولم يحصل على فرصة كبيرة حتى الآن.
ولم يرضَ جيفرز بالركود، فقرر أن يجعل من نفسه خصمًا لا يمكن تجاهله.
فخلال الـ13 شهرًا الماضية، تفوّق جيفرز بوضوح على كل من دارين جونستون، وجوشوا كوارتي، و
ريكاردو لارا بأسلوب قاسٍ وحاسم. ويُعد شون همفيل خصمًا أكثر قوة وتصعيدًا في المستوى، لكن جيفرز يطمح لتقديم نفس الأداء الحاسم أمامه هذا الأسبوع.
كلما أُتيحت له الفرصة، يسعى لإثبات أنه مستعد للخطوة التالية.
وقال:
"أعتقد أنني أثبتت ذلك مؤخرًا.
تجاوزت ذلك المستوى منذ وقت طويل. نزال تشيلي كان قبل عامين في بداية يوليو. وإذا نظرت إلى خصومي بعده، ستلاحظ أن مستواهم أقل – وليس هذا خطئي – لقد قبلت الكثير من النزالات."
ولا يقتصر طموحه على الساحة البريطانية.
فخلال الأشهر الماضية، وافق على اثنين من أصعب التحديات في وزن فوق المتوسط.
في أواخر عام 2023، وافق جيفرز على خوض نزال في مرسيليا ضد الفرنسي القوي
كيفن ليلي سادجو (24 انتصارًا دون هزيمة، 21 منها بالضربة القاضية)، وذلك قبل أسبوع واحد فقط من موعده، لكن الفريق الفرنسي قرر في النهاية اختيار خصم آخر.
ومطلع هذا العام، وافق على مواجهة الكوبي الخطير أوسليز إغليسياس (13 فوزًا دون هزيمة، 12 بالضربة القاضية) ضمن الحدث الثالث لمجلة ذا رينج في نيويورك يوم 12 يوليو،
لكن المحادثات توقفت فجأة.يقول جيفرز:
"في رأيي، خضت تحديات أصعب من أي ملاكم بريطاني آخر.
صحيح أنها لم تكتمل، لكن ليس بسببي. وافقت على نزال سادجو خلال أسبوع واحد فقط، ونزال إغليسياس كذلك. لا أحد يريد مواجهته، لكنني أريد اختبار نفسي.
إن كنت تطمح لتكون الأفضل في العالم، فعليك هزيمة هؤلاء. وليس لدي مشكلة مع أي منهم."
وفي ختام الحديث، لا مفر من السؤال المنتظر: بما أن جيفرز سيتواجد في البطاقة التمهيدية لنزال سيمبسون، فلا بد من معرفة رأيه في نزال نجم بارنسلي أمام الإيطالي القوي إيفان زوكو –
الذي كان من الممكن أن يكون خصمه هو، بدلًا من سيمبسون.
قال جيفرز:
"زوكو خصم مثالي لسيمبسون؛ لأنه سيقف أمامه مباشرة ولا يملك حركة قدمين جيدة.
الخصم الذي يمكنه هزيمة سيمبسون يجب أن يكون سريع القدمين ويُجيد تفادي الضربات بحركة رأسه.
وأعتقد أن هذا تحديدًا هو السبب في تجنّبهم مواجهتي."