بينما كان ليام كاميرون يتصفح سيل الرسائل التي انهالت عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد هزيمته في أبريل أمام بن ويتاكر، لفتت رسالة واحدة انتباهه أكثر من غيرها.

فوسط المزيج المعتاد من الرسائل الإيجابية والسلبية والجارحة التي يتلقاها أي ملاكم محترف بارز، استوقفته رسالة غريبة تحديدًا.

قال كاميرون لمجلة ذا رينج:

"كنت أتفقد رسائلي، فوجدت واحدة من حساب مجهول بلا صورة ولا اسم معروف. ظننت للوهلة الأولى: يا إلهي، ها نحن مجددًا. ثم فتحتها لأجد مكتوبًا: لا تحبط يا ليام بعد النزال. نريد رعايتك ومساعدتك. فقلت لنفسي دعني أعرف ما وراءها."

اتضح أن مرسلة الرسالة امرأة تعيش في الخارج، وقد تكفلت مع زوجها برعاية كاميرون لعام كامل، بل ساعداه أيضًا في حساباته المالية، وخطوات شراء منزل، وأمور حياتية أخرى لا يتعلمها الرياضيون عادة.

"كانا مجرد غرباء وقتها، لكننا الآن نتحدث يوميًا، وهما بالفعل أشخاص رائعون – كيم وستيف. من الغريب أنني فوتت مئات الرسائل، لكن تلك بالذات شدت انتباهي وأنا ممتن أنني لم أتجاهلها."

بالنسبة لكاميرون، الذي قضى معظم مسيرته المهنية وهو يكافح للحصول على أي رعاية، كان ذلك حدثًا غير متوقع على الإطلاق:

"لم أكن أحصل على أي رعاة تقريبًا. كان هناك من يساعدني قليلًا من وقت لآخر، لكن طوال مسيرتي لم أجني أي شيء تقريبًا."

تحول كاميرون من حافة الموت إلى واحد من أكثر الأسماء شعبية في وزن خفيف-ثقيل في بريطانيا أصبح بالفعل جزءًا من أساطير الملاكمة المحلية. ففي عام 2018، أوقفه مجلس الملاكمة البريطاني لأربع سنوات بعد ثبوت مادة بنزويلكغونين (أحد نواتج الكوكايين) في عينته، رغم أنه أكد براءته مرارًا.

ذلك القرار قلب حياته رأسًا على عقب، فغرق في دوامة اكتئاب وإدمان على الكحول وصلت به إلى شرب زجاجة كاملة من الجن يوميًا. وفي تلك الفترة كان قد اعتزل الملاكمة، وارتفع وزنه ليقترب من 200 رطل. وجاءت نقطة التحول عندما تعرض لجرعة زائدة كادت تودي بحياته داخل سيارة إسعاف. عندها أقسم أنه إذا نجا فلن يلمس الكحول مجددًا، ومنذ ذلك اليوم ظل وفيًّا لوعده. وفي أكتوبر 2023 عاد إلى الحلبة وخاض منذ ذلك الحين خمسة نزالات.

هذه العودة ألهمت الجماهير وجعلت منه نموذجًا مثيرًا للإعجاب. ففي نزاله الأول ضد ويتاكر في الرياض، انتهت المواجهة بتعادل تقني مثير للجدل في أكتوبر الماضي، لتكسبه قاعدة جماهيرية كبيرة. ورغم خسارته بالضربة القاضية في الجولة الثانية في إعادة النزال بعد ستة أشهر، إلا أن حياته تغيرت كليًا.

"في النزال الثاني لم أستطع الدخول في الأجواء. قدمت أداءً جيدًا في الأول، بينما تفوق هو في الثاني، وهكذا تجري الأمور. كنت محظوظًا بالحصول على تلك الفرصة أصلًا، وحياتي تغيرت كثيرًا. أريد أن أُظهر للناس أنه حتى عندما تعتقد أن حياتك انتهت وفقدت الأمل، إذا عملت بجد وآمنت بنفسك، يمكن أن يتحقق أي شيء."

وأضاف:

"عندما أفكر في كل ما مررت به، أشعر وكأن الله كان يراقبني بالفعل. وأؤمن بذلك بشدة."

بفضل نزاليه مع ويتاكر، نجح كاميرون في امتلاك منزله بالكامل. و حتى الجدل الذي أثير بشأن عدد جولات نزال الإعادة (12 جولة في عقده مقابل 10 في عقد ويتاكر) عاد عليه بفائدة مالية كبيرة، بعدما حصل على تعويض إضافي ضاعف أجره، الذي كان يفوق بثلاثة أضعاف أعلى أجر حصل عليه في مسيرته.

كما ذكرت مجلة ذا رينج في ذلك الوقت، كان كاميرون قد وقع عقدًا على 12 جولة، بينما نص عقد ويتاكر على 10 جولات فقط. وأصر مروّجو ويتاكر في شركة Boxxer على أن الأمر مجرد خطأ إداري بسيط، لكنهم اضطروا في النهاية لدفع تعويض لكاميرون لتعديل الجزء الخاص به من الاتفاق.

"بسبب أزمة عدد الجولات، تضاعف دخلي تقريبًا. من هذه الناحية كان كل شيء مثاليًا بالنسبة لي. ولهذا لدي الآن مكانة خاصة في قلبي لبن ويتاكر، مهما كانت طبيعة علاقتنا السابقة أو ما قيل من قبل. أتمنى له أن يصبح بطلًا عالميًا في أكثر من فئة ويحقق الملايين."

بينما لم يخض ويتاكر أي نزال منذ فوزه على كاميرون، يستعد الأخير للعودة يوم 1 نوفمبر في Co-op Live Arena بمانشستر ضمن البطاقة الرئيسية لنزال جوشوا بواتسي ضد زاك باركر.

كان من المقرر أن يواجه ميكي إليسون في نزال من ثماني جولات، لكن التغييرات أجبرته على خوض اختبار أصعب بكثير أمام تروي جونز (ذي الهزيمة الوحيدة)، بعد انسحاب دانيال لابين بسبب إصابته. وهكذا رُقّي كاميرون إلى نزال محلي من عشر جولات.

"كان من المهم بالنسبة لي أن أعود قبل نهاية العام. كنت منشغلًا بشراء منزلي وتجديده، كما أنني كنت بحاجة إلى استراحة ذهنية بعد أسبوع نزال ويتاكر. الأمر كان مرهقًا للغاية. فجأة أصبحت محاصرًا بالجماهير، حتى أنني كنت أرتدي غطاء الرأس عند الذهاب للتسوق. لم أعش شيئًا كهذا من قبل."

"لكنني ممتن لذلك، فـ90% من الجمهور كانوا يشجعونني، وكانت تجربة مليئة بالدروس. أشعر أن أمامي الكثير لأقدمه، وأريد أن أغتنم هذه الفرصة لأبذل كل ما في وسعي."