لندن – بعد ما يقارب 35 عامًا من فوز والده في أول مواجهة بين العائلتين، حافظ كريس يوبانك جونيور على السجل العائلي الخالي من الهزائم، بتغلبه بقرار إجماعي على كونور بين في ملعب توتنهام هوتسبير.

انحنى يوبانك جونيور على ركبتيه عند إعلان النتيجة، بعدما سجل جميع الحكام الثلاثة تفوقه بنفس العلامة: 112-116، و ذلك في النزال الرئيسي لأول عرض تنظمه مجلة ذا رينج.

هذا اللقاء كان أكثر من مجرد نزال ملاكمة؛ فقد حمل في طياته إرثًا من العداء بين اثنتين من أعرق العائلات في تاريخ الملاكمة البريطانية. ففي 18 نوفمبر 1990، افتتح كريس يوبانك الأب هذه السلسلة بفوزه على نايجل بين بالضربة القاضية الفنية في الجولة التاسعة، قبل أن يتعادلا في نزال العودة في أولد ترافورد عام 1993.

كان كونور بين قد قطع وعدًا بتسوية الحساب لعائلته، متحديًا الفوارق عبر صعوده إلى فئة وزنية أعلى لملاقاة يوبانك جونيور، غير أن عزيمة الأخير حالت دون تحقيق مسعاه، ليحافظ على إرث والده بلا منازع.

كانت المواجهة اختبارًا قاسيًا لكلا الملاكمين عبر 12 جولة صعبة، جمعت بين أجيال و أوزان مختلفة. فبينما اضطر يوبانك إلى النزول إلى 160 رطلاً، و البقاء دون تجاوز 170 رطلاً صباح النزال بموجب شرط إعادة الترطيب، كان على بين أن يتحمل وزنه الزائد لمدة 12 جولة كاملة – للمرة الثانية فقط في مسيرته.

رغم مظاهر الإرهاق البادية على كليهما، أظهرا صلابة و شجاعة أكدت جدارتهما بحمل اسمَيْ عائلتيهما.

و قبيل النزال، شهدت الملاكمة البريطانية لحظة رمزية مؤثرة، حين التقى كريس يوبانك الأب بابنه بعد سنوات من القطيعة، وسط تصفيق جماهيري صاخب.

و في الأثناء، اندلعت مشادة بين فريق يوبانك و فريق بيلي جو ساوندرز، بعدما حاول الأخير دخول غرفة تجهيزات يوبانك بناءً على طلب من كونور بين، قبل أن يتم منعه من قِبل أفراد أمن يوبانك.

هذه الحادثة لم تكن سوى فصل آخر في العداء الطويل بين العائلتين، الذي ابتدأ قبل عقود، و أُعيد إشعاله حين أُلغي لقاؤهما الأول المقرر عام 2022 بعد إخفاق بين في اختبارات المنشطات.

غير أن الموعد تأجل و لم يُلغَ، إذ جمعتهما مواجهة ثأرية في عرض "فاتال فيوري: سيتي أوف وولفز" أمام حشد جماهيري كبير.

دخل بين أولًا، يتقدمه والده، وسط صيحات الاستهجان و على أنغام "Dangerous"، قبل أن يدخل يوبانك على أنغام "Simply the Best" المرتبطة بوالده، وسط أجواء مشحونة بالإثارة.

حظي الأبوان بتصفيق ضخم لدى تقديمهما، قبل أن تُترك الكلمة للأبناء.

استهل يوبانك النزال بنشاط ملحوظ، مستعينًا بجابه القوي لإبقاء بين على مسافة آمنة، فيما حاول بين مباغتته بهوك يساري مبكر. و على الرغم من أن يوبانك بدا أكثر تماسكًا و استقرارًا، تمكن بين قرب نهاية الجولة من إصابته بيمينية قوية.

كان الفارق البدني جليًا، إذ بدا بين أصغر حجمًا مقارنةً بيوبانك، الذي حافظ على سيطرته عبر استخدام جابه الحاد، رغم محاولات بين المستمرة في اختراق دفاعه بلكماته المقوسة المعتادة.

في الجولة الثالثة، هزّ بين خصمه بهوك يساري، لكن يوبانك احتوى الموقف بابتسامة سخرية، ليرد بأبر كات قوية وسط تشجيع الجماهير.

و مع تقدم النزال، بدأ بين يفقد شيئًا من سرعته تدريجيًا، مما أتاح ليوبانك فرصة فرض سيطرته عبر التحكم بالمسافة و توجيه اللكمات المباشرة بدقة.

مع بداية الجولة السابعة، استغل يوبانك تراجع بين، و أمطره بعدة ضربات أبر كات و هوكات قوية، مما دفع والد بين إلى الصراخ من خارج الحلبة، مطالبًا ابنه بمزيد من الجدية و التركيز.

استجاب بين لتوجيهات والده، و قدّم واحدة من أفضل جولاته في الجولة الثامنة، حين أربك يوبانك بضربة يمينية خلف الأذن، قبل أن يواصل الضغط عليه حتى نهاية الجولة.

رغم تعرضه لجرح فوق حاجبه الأيمن إثر تصادم بالرؤوس في الجولة التاسعة، أبدى يوبانك صلابة ملحوظة، و عاد ليرد بقوة في الجولة العاشرة.

في الجولة الحادية عشرة، اشتبك الاثنان في نزال مفتوح وسط الحلبة، و قد بدت عليهما بوضوح آثار الإرهاق.

أما في الجولة الثانية عشرة، فقد استجمع يوبانك قواه المتبقية، و أمطر خصمه بسيل من الهوكات، و كاد يسقطه قبل أن يتمكن بين بشجاعة من الصمود حتى النهاية.

مع نهاية النزال، اقتحم الأبوان الحلبة، و توجه كونور إلى كريس يوبانك الأب قائلاً له:

"هذا بسببك… شكرًا لك."