الرياض، المملكة العربية السعودية — أصبح ساؤول "كانيلو" ألفاريز بطلاً موحدًا للوزن فوق المتوسط للمرة الثانية في مسيرته، وذلك خلال ظهوره الأول في العاصمة السعودية مساء السبت، لكنه وصف انتصاره على الفور بأنه "نزال ممل".

أسطورة الملاكمة المكسيكية، وبطل مجلة ذا رينج، حقق فوزًا واضحًا بقرار جماعي من الحكام على خصمه ويليام سكُل، ليستعيد لقب الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF)، ويدافع بنجاح عن ألقاب رابطة الملاكمة العالمية (WBA)، ومنظمة الملاكمة العالمية (WBO)، ومجلس الملاكمة العالمي (WBC).

الخطوة التالية في مسيرة كانيلو ستكون نزالًا ناريًا ضد تيرينس كروفورد، المقرر إقامته في 12 سبتمبر بمدينة لاس فيغاس.

ومع ذلك، لم يكن هذا العرض من العروض التي تُخلَّد في الذاكرة، إذ أمضى كانيلو معظم النزال وهو يلاحق خصمه في الحلبة دون جدوى، في ظل امتناع سكُل عن خوض اشتباكات فعلية طيلة معظم فترات النزال.

وعندما أُعلن عن نتائج الحكام التي جاءت على النحو التالي: 115-113، 116-112، و119-109، والتي أكدت فوز كانيلو وتتويجه مرة أخرى بطلاً موحدًا للوزن فوق المتوسط، بالكاد ارتسمت ابتسامة على وجهه، رغم ضخامة الإنجاز.

قال كانيلو، وهو يبدو محبطًا: «لقد جاء فقط من أجل النجاة منذ الجولة الثالثة، ولهذا لم يعجبني الأمر. بالنسبة لي، هذا نزال ممل، عندما لا يحاول الملاكم الفوز بل يكتفي بمحاولة البقاء، أنا أكره هذا النوع من الملاكمين».

وتابع: «لقد تحرك أكثر مما كنت أتوقع، ولكن لا بأس، فزنا. أنا بطل موحّد مرتين، وفخور بأنني خضت نزالًا في المملكة العربية السعودية».

لكن الأهم من ذلك أن هذا الانتصار يمهد الطريق للنزال الضخم المرتقب في 12 سبتمبر بين كانيلو وتيرينس كروفورد، والمقرر إقامته على ملعب أليجيانت في لاس فيغاس.

فما إن غادر ويليام سكُل الحلبة، حتى صعد كروفورد لمواجهة خصمه المقبل وجهًا لوجه. وقال كانيلو: «كروفورد من أفضل الملاكمين على الساحة، وأنا أحب أن أشارك الحلبة مع هذا النوع من الملاكمين ، إنه لشرف لي. الجميع يطالب بهذا النزال، ومعالي المستشار تركي آل الشيخ يرغب به أيضًا، فلنقم به».

وكان كانيلو قد دخل الحلبة في قلب صالة ANB أرينا بخطى واثقة، مرتديًا زيًا أزرق ملكي، في تذكير واضح بمن هو "الملك الحقيقي" لوزن 168 رطلاً.

أما سكُل، فقد وصل إلى المملكة العربية السعودية بسجل خالٍ من الهزائم (23 انتصارًا، 9 بالضربة القاضية)، وكان قد حاز على لقب الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF) الشاغر بقرار جماعي على حساب فلاديمير شيشكين في أكتوبر الماضي. لكن ذلك اللقب لم يكن ليُتاح لولا أن كانيلو اختار مواجهة إدغار بيرلانغا عوضًا عن تنفيذ التزامه الإجباري مع الـIBF.

مع ذلك، كان كانيلو لا يزال يحمل ألقاب WBA وWBO وWBC، وهذه المواجهة، التي تُعد الأولى له في الرياض، منحتُه الفرصة ليصبح بطلًا موحدًا للوزن فوق المتوسط للمرة الثانية، وجعلت من سكُل بطل العالم رقم 21 الذي يواجهه كانيلو خلال مسيرته الاحترافية التي امتدت لـ67 نزالًا.

ولإرضاء الجماهير الغفيرة التي تتابعه في المكسيك والولايات المتحدة، انطلق النزال قبل الساعة 6:30 صباحًا بالتوقيت المحلي، لكن لم تظهر أي علامات تعب أو خمول على الحشود المتحمسة.

فقد دوّت هتافات "كانيلو" في الأرجاء منذ الثواني الأولى بعد قرع الجرس الافتتاحي، بينما بدأ نجم غوادالاخارا العمل سريعًا. وفي منتصف الجولة الأولى، أخطأ بضربة يمنى قوية من فوق الرأس، ما يعكس رغبته الجامحة في إنهاء مبكر لم يتحقق. وبينما كان سكُل يدور حول أطراف الحلبة، كان كانيلو يلاحقه بنيّة الإنهاء، غير أن التبادلات الفعلية كانت نادرة في جولة جس نبض من الطرفين.

وتكرّر النمط ذاته في الجولة الثانية، رغم أن كانيلو تمكن من توجيه لكمة باليد اليمنى عندما وجد سكُل نفسه محاصرًا للحظات بالحبال. وبدأت الجولة الثالثة بطريقة مماثلة، غير أن كانيلو ضرب خصمه بضربة هوك قوية في منطقة البطن في بدايتها. وبعد دقيقة تقريبًا، تمكن سكُل من تسديد لكمة باليد اليمنى لأول مرة في النزال، لكن كانيلو امتصها بخبرة، ما خفف من تأثيرها.

ومع بداية الجولة الرابعة، بدا أن سكُل — الساعي لتحقيق واحدة من أكبر المفاجآت في القرن الحالي — كان راضيًا جدًا عن بدايته، بل واستعرض مهاراته خلال الدقيقة الأخيرة من الجولة، إذ اتكأ على الحبل بيد واحدة، وواصل الضرب باليد الأخرى في مشهد استعراضي.

وكان من الواضح أن سكُل يزداد ثقة مع مرور كل دقيقة، بينما كان كانيلو يتبعه في أرجاء الحلبة وراء حراسة عالية، دون أن يوجه الكثير من اللكمات. وبعد مرور خمس جولات في أكبر نزال في مسيرته، بدا سكُل مرتاحًا تمامًا.

لكن كانيلو، وببطء وثبات، بدأ يفرض إيقاعه في الجولة السادسة، حيث تمكن من تسديد سلسلة من الضربات القوية إلى الجسم كلما تردد خصمه للحظة واحدة فقط وهو يلامس الحبال. ومع ذلك، بدا أن سكُل مستفيد من معسكره التدريبي في المرتفعات، وتحديدًا في جبال سييرا نيفادا بإسبانيا، حيث أظهر لياقة بدنية متميزة مكّنته من مواصلة الحركة المستمرة دون كلل.

ولعل الأمر لم يكن مفاجئًا؛ إذ لم يُبدِ سكُل أي نية في الوقوف والمبادلة مع كانيلو، بل اختار الرقص حول أطراف الحلبة، متوقفًا بين الحين والآخر فقط لإطلاق بعض اللكمات، معظمها تم صده، لكن في الجولة السابعة، نجح في توجيه مجموعة مكونة من ضربة علوية و"هوك" جانبية أصابت هدفها.

كانيلو، من جانبه، اعتمد بشكل شبه حصري على اللكمات الفردية، لكنه في منتصف الجولة الثامنة غيّر هدف إحدى ضرباته؛ فحوّل "هوك" يسارية من الجسم إلى الذقن مباشرة. وبسبب قلة الإثارة في الجولة، اضطر الحكم كيران مككان إلى أن يطلب من المقاتلين الاشتباك، بينما كانت الجولة الهادئة الأخرى تقترب من نهايتها. ومع بداية الجولة التاسعة، جمع الحكم بينهما مجددًا لتأكيد توجيهاته، قبل أن يوجه تحذيرًا إلى كانيلو بعد دقيقة من استئناف النزال بسبب ضربة منخفضة.

رغم صيحات الاستهجان القادمة من الجماهير المكسيكية الغاضبة من اعتماد سكُل المفرط على الحركة والهروب، إلا أن الملاكم الكوبي المقيم في برلين رفض تغيير استراتيجيته وظل متمسكًا بأسلوبه الدفاعي مع مرور الجولات. أما كانيلو، فرغم الإحباط، واصل المطاردة والاجتهاد، لكن دون أن يحقق أي اختراق يُذكر، بل بدا أن فعاليته في الجولات الأخيرة أقل من بدايات النزال.

ومع انطلاق الجولة الثانية عشرة، ارتفعت أصوات الجماهير في محاولة لإضفاء بعض الحماس على الدقائق الثلاث الأخيرة. ومع ذلك، واصل سكُل الدوران حول الحلبة، واستمر كانيلو في محاولاته العقيمة لمحاصرته.

وعندما دقّ الجرس معلنًا نهاية النزال، تبادل الملاكمان التحية ولمس القفازات في منتصف الحلبة، وتبادلا بعض الكلمات، في لحظة كانت هي الأقرب التي قضياها ضمن مسافة الضرب طوال النزال بأكمله، وهو نزال لن يُدرج بلا شك ضمن أبرز اللحظات في مسيرة أي منهما.