كان جون هـ. ستراسي قد مثّل بريطانيا في أولمبياد 1968 كملاكم هاوٍ، وتدرّج لاحقًا في سلم وزن الويلتر كمحترف، حيث فاز بلقبَي بريطانيا وأوروبا قبل أن يُعلن رسميًا كالمنافس الإلزامي للـWBC.

لكن الرجل الذي كان عليه مواجهته على اللقب لم يكن عاديًا.

فـ خوسيه نابوليس (81 انتصارًا – 6 هزائم، 54 بالضربة القاضية) كان أسطورة حيّة. وُلد في كوبا قبل أن يستقر في المكسيك، وحمل لقب “مانتيكيا” (الزبدة) بسبب سلاسة أسلوبه. كان يكبر ستراسي بـ10 سنوات (35 عامًا)، وعلى وشك خوض نزال البطولة العالمي رقم 18 في مسيرته.

أما ستراسي البريطاني (42 انتصارًا – 3 هزائم – تعادل واحد، 34 بالضربة القاضية) فقد أُبلغ رسميًا بمواجهة نابوليس على لقبي ذا رينج والـWBC في وزن الويلتر قبل النزال بثلاثة أشهر تقريبًا.

يقول ستراسي لـذا رينج:

"تدربتُ ستة أو سبعة أسابيع في المملكة المتحدة، ثم قضيتُ شهرًا في مكسيكو سيتي بسبب الارتفاع لكي أتأقلم."

يضيف:

"كنت قد خضت منافسات الأولمبياد هناك قبل سبع سنوات، وبقينا حينها ثلاثة أسابيع قبل المنافسة لأن المدينة ترتفع 7,200 قدمًا عن سطح البحر. كان علينا التأقلم، لذلك اتّبعنا النهج نفسه عندما جاء موعد النزال."

سافر ستراسي وفريقه — بما في ذلك المروّج ميكي دَف، والمدير تيري لوليس، والمدرب فرانك بلاك، ووالده — من لندن إلى مكسيكو سيتي.

وخلال إقامته هناك، وجد ستراسي راحة في الاندماج مع السكان المحليين:

"أقمنا في الفندق، وكان هناك مسبح في الأعلى. بعد التدريب، كنت أسبح قليلًا، وأتحدث أحيانًا مع الإنجليز الموجودين هناك. كان الناس عمومًا لطفاء، لكن مجتمع الملاكمة تحديدًا كان ضدي بعض الشيء — كانوا يريدون فوز ملاكمهم."

لكن سوء تقدير بسيط كاد يوقعه في مأزق.

ففي أحد الأيام، وبينما كان يتمشى في الشارع، اقترب منه رجل يبدو ودودًا:

"صافحني شخص ما، لكنه أمسك يدي بقوة شديدة لدرجة أنني صرخت،" يقول ستراسي.

في تلك اللحظة، تدخّل مديره تيري لوليس ونبّهه:

"إذا جاء أي شخص ليصافحك، ضع يدك في جيبك وحيّه دون مصافحة."

ولم يكن ذلك آخر ما واجهه ستراسي من محاولات الحرب النفسية واللعب خارج الحلبة…

"كنا نتلقى مكالمات هاتفية باستمرار. اضطررت لتغيير غرفتي مرتين لأن أشخاصًا كانوا يتعمدون الاتصال في الرابعة والخامسة فجرًا لإزعاجي"، يضيف سترايسي. "هذا أمر يحدث دائمًا عندما تقاتل خارج أرضك."

كما طُلب من الملاكم اللندني المولد أن يخوض حصة تدريبية مع أحد المحليين، لكن مع تعليمات واضحة:

"قالوا لي: ’خُذ الأمور بهدوء، فهو ليس جيدًا جدًا.‘ لكنه خرج يحاول أن يطرحني أرضًا. أصابني عند عيني، وبدأ الجرح ينفتح قليلًا وخرج بعض الدم."

ويتابع: "غضب لوليس بشدة وقال: ’هذا غير مقبول.‘ فسألته: ’لماذا يتصرف هكذا؟‘"

ثم يوضح سترايسي ما حدث لاحقًا:

"في الجولة التالية، ضربته بقوة شديدة. لاحقًا اكتشفنا أنه ملاكم ممتاز — نسيت اسمه — وكل ما جرى كان اختبارًا لي. إذا لم تكن تفهم لغتهم أو تتعامل بذكاء، فلن تتمكن من فعل شيء."

ويضيف:

"أُصبت بما يُعرف بانتقام مونتيزوما – اضطراب المعدة الشديد الشائع للزائرين في المكسيك – وخسرت نصف ستون من وزني (نحو 3.2 كغ)، لكنني استعدته لاحقًا وخضت النزال مباشرة بعد ذلك."

كان لدى سترايسي أيضًا فكرة مسبقة عمّا ينتظره من خلال خبرة سابقة:

"تدرّبت معه قبل ثلاث سنوات. وبما أنه أعسر، بينما أنا مُعْتدل (أرثوذوكسي)، كنت أتمكن من إصابته بجاب قوي، فقررت الاعتماد على ذلك."

ويوضح جانبًا مهمًا:

"عندما تكون في المكسيك، ومع ثلاثة حكام مكسيكيين وحكم مكسيكي، تتذكر المقولة القديمة: ’عليك أن تطرحه أرضًا لتحصل فقط على التعادل.‘"

عندما وصل سترايسي وفريقه إلى المكان، كانت غرفة الملابس بعيدة عن المثالية:

"كانت بجوار موقع تُذبح فيه الثيران… الرائحة كانت مقززة للغاية، لكن لم يكن بوسعنا الذهاب لأي مكان آخر."

ويتابع: "يتظاهرون بعدم فهمك، لذلك عليك أن تبقى حيث أنت."

ومع ذلك، لم يسمح سترايسي لأي من ذلك بأن يؤثر عليه. شق طريقه نحو الحلبة ليجد استقبالًا عدائيًا من 60 ألف متفرج يهتفون ضده.

"كان الأمر مرعبًا في البداية," يقول. "نابوليس تأخر حوالي 10 أو 15 دقيقة عن الدخول، والناس كانت تحدق بي. رفعت يدي وكأنني أقول: ’أين هو؟ هل يخشى مواجهتي؟‘ فبدأ الجمهور يصفق لي."

وبعد دخول نابوليس، قام سترايسي بخطوة لافتة:

"ذهبت مباشرة إلى ركنه وصفقت له، فحصلت على تشجيع هائل."

كان ذلك انتصارًا معنويًا صغيرًا، لكن الأمور ساءت سريعًا في الجولة الأولى:

"أنا بطبيعتي أبدأ النزال ببطء، ولست من النوع الذي يندفع مباشرة منذ الثواني الأولى. ومع بدء دخولي في الإيقاع، باغتني نابوليس بضربة يمينية قوية تبعتها هوك أيسر، فسقطت أرضًا."

وعند عودته للركن:

"ميكي دَفْ قال: ’ليس في الجولة الأولى، رجاءً!‘ فأجبته: ’لا تقلق… لن يؤذيني مرة أخرى.‘"

وفي الجولة الثالثة، ردّ سترايسي بالمثل:

"طرحت نابوليس أرضًا، ثم بدأت أُحكم سيطرتي على النزال في الجولات التالية."

قال ستراسي: "أصبته بهوك أيسر جيد، وانتفخ موضع عينه وظهر القليل من الدم. لاحظتُ أنه كلما أصبته بالجاب، يرتد رأسه إلى الخلف، فواصلت الاعتماد على ذلك."

وأضاف: "عندما عدتُ إلى الركن بعد نهاية الجولة الخامسة، قال لي لولِس: 'أمسكتَه الآن… اخرج فقط ووجّه أكبر عدد من اللكمات، ستُوقفه.' وفي الجولة التالية وجّهت له ما بين 10 إلى 12 لكمة متتالية، فأوقف الحكم النزال."

ورغم تتويجه بلقب بطل العالم، وجد ستراسي وطاقمه صعوبة في الاحتفال كما تمنّوا:

"ذهبنا إلى بعض النوادي الليلية للرقص والاحتفال، لكنهم لم يسمحوا لي بالدخول," يقول ستراسي.

"كنت أرتدي السومبريرو، لكنهم لم يسمحوا لي بالدخول لأنني هزمتُ نابوليس."

ويتابع:

"عدنا إلى الفندق، تناولنا شيئًا من الطعام، ورقصنا طوال الليل. استيقظتُ في الصباح وعيناي منتفختان من السهر. كانت ليلة رائعة… كنت قد حققت كل ما تمنّيت تحقيقه في حياتي."

وبعد تتويجه، نشأت علاقة مميزة بين ستراسي والرئيس الجديد للـWBC آنذاك خوسيه سوليمان، الذي تولّى منصبه قبل يوم واحد فقط من فوز ستراسي باللقب:

"كان سوليمان يأتي إليّ دائمًا ويقول: 'أول أبطال عهدي.'"