كان كارل دانيلز ملاكمًا موهوبًا يتمتع بمهارات تقنية عالية، وقد حقق نجاحًا ملحوظًا في مسيرته كهاوٍ قبل أن ينتقل إلى الاحتراف ويُتوَّج بلقب وزن السوبر ويلتر في ثاني محاولة له على اللقب.
وُلد دانيلز، وهو واحد من ثلاثة أشقاء، في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري الأمريكية، في 26 أغسطس 1970. نشأ في كنف والدته فقط في حي "فانيتا بارك"، ضمن أسرة ذات دخل محدود.
يقول دانيلز ل
مجلة ذا رينج:
"لم أكن أخرج إلى الشوارع كثيرًا، كانت الحياة صعبة هناك. والدتي كانت تراقبني دائمًا، وكان لدي وقت محدد للعودة إلى المنزل قبل أن تضاء أعمدة الإنارة. كانت أمي تنهي عملها عند الخامسة مساءً، وكان الظلام يحل قبل ذلك، لذا كنت أعود مبكرًا لإنهاء فروضي المدرسية."
وقد حصل على لقبه "السنجاب" في طفولته لأنه كان يحب تسلق الأشجار.
بدأت رحلته مع الملاكمة في سن العاشرة، حيث قال:
"كنت ألهو كثيرًا، ولم أكن منضمًا لأي عصابة. بعد المدرسة، كنت أتسلل مع صديقي إلى صالة التدريب دون علم والدتي. وفي إحدى المرات عدت إلى المنزل بعين سوداء، وعندما سألتني أمي، أخبرتها بالحقيقة. فقالت لي: ’هل هذا ما تريده حقًا؟‘، فأجبتها بنعم. عندها قالت لي: ’افعل ما تراه مناسبًا.‘ ومنذ ذلك الوقت، أنقذتني الملاكمة من كثير من المشاكل."
وأضاف:
"بعد المدرسة، كنت أذهب مباشرة إلى الصالة، أتدرّب وأتجنب مخالطة من في الشارع. كنا نكبر سويًا، لكني بقيت في الملاكمة، أما هم فدخلوا السجن أو حدثت لهم مشاكل. الملاكمة أنقذت حياتي."
فاز دانيلز ببطولة الأولمبياد للناشئين في سن الخامسة عشرة، وحقق نجاحات محلية ودولية مبكرة.
يتابع قائلًا:
"في سن السادسة عشرة فزت ببطولة القفازات الذهبية الوطنية في وزن الذبابة. وفي السابعة عشرة والثامنة عشرة، شاركت في الألعاب العالمية في كوبا وفزت بها. ثم شاركت في التصفيات الأولمبية وحصلت على الميدالية الفضية، بعد أن خسرت في النهائي أمام إيدي هوبسون. كنت البديل الأولمبي، ورغم أن هوبسون هزم كيلسي بانكس، إلا أن القرار كان لصالح بانكس بسبب السياسة. منذ سن السابعة عشرة بدأت أركز حقًا على الملاكمة."
أنهى دانيلز مسيرته كهاوٍ بسجل لافت بلغ 170 فوزًا مقابل 7 هزائم فقط، ثم وقع عقدًا احترافيًا مع المروّج سيدريك كوشنر، وتولى تدريبه وإدارته جيم هاول. تقاضى ما يقارب 1000 دولار في نزاله الاحترافي الأول في نوفمبر 1988.
بدأ مسيرته الاحترافية في الغرب الأوسط للولايات المتحدة، بعيدًا عن الأضواء.
قال:
"لم أكن مضطرًا للعمل في وظيفة أخرى، وكان لدي مكافأة توقيع صغيرة تساعدني في دفع الفواتير. كنت أخوض نزالات مرتين في الشهر أحيانًا – 1000 هنا، 1500 هناك، 2000 في نزال آخر – وهذا أبقاني مستمرًا. أذكر نزالًا سقطت فيه أمام جيري غرانت، لكنه كان سقوطًا مؤقتًا، ثم عدت وأسقطته بالضربة القاضية."
بعد 26 نزالًا في ثلاث سنوات، حصل دانيلز، وهو لا يزال في الـ21 من عمره، على أول فرصة عالمية له في فبراير 1992 عندما واجه بطل WBC تيري نوريس في سان دييغو.
قال دانيلز:
"سيدريك كوشنر هو من وفر لي تلك الفرصة، لكنني شعرت أنه تسرّع. صحيح أنني كنت 26 انتصاراً دون هزائم، لكنني لم أكن أملك خبرة نوريس. لم أكن أرغب في خوض النزال، لكنه تم، وكان تجربة تعليمية. ربحت بعض الجولات، لكنه كان أقوى مني بكثير. لم أتمكن من مجاراته، وكان عليّ فقط أن أستمر، لكن ضرباته أبطأتني."
رغم الهزيمة، عاد دانيلز بقوة، وحقق ثمانية انتصارات خلال ثلاث سنوات، قبل أن يحصل على فرصة ثانية على لقب عالمي، عندما سافر إلى مدينة ليون الفرنسية لمواجهة خوليو سيزار غرين على لقب WBA الشاغر لوزن 154 رطلًا.
قال:
"كان خصمًا قويًا، يطيح بجميع منافسيه، ولهذا كنت المصنف كأضعف المرشحين بنسبة 1 إلى 4. لكنني كنت في أفضل حالاتي بدنيًا. لم أقاتله وجهًا لوجه بل اعتمدت على التحرك و المراوغة. في الجولة الأخيرة فقط ضغطت عليه. أغلقت إحدى عينيه وشارفت على إغلاق الأخرى."
بعد الفوز، عاد دانيلز إلى منزل والدته واحتفل بعشاء عائلي، دون أي مظاهر رسمية أو احتفالات صاخبة، لكنه يقول:
"استمتعت بالنصر على طريقتي."
بعد ستة أشهر، دافع دانيلز عن لقبه في نزالٍ أقيم على البطاقة التمهيدية للظهور الثاني لمايك تايسون بعد عودته من السجن، حيث واجه البطل السابق خوليو سيزار فاسكيز في فيلادلفيا.
قال:
"كان خصمًا عنيدًا، يتحمل الضربات. أسقطته في الجولة الثالثة، لكنه نهض. كنت متقدمًا على البطاقات حتى الجولة قبل الأخيرة، لكنه أسقطني في الجولة 11، ورغم أنني نهضت، أوقف الحكم النزال. شعرت أنني كنت قادرًا على الاستمرار، لكن الحكم ظن أنني متأثر أكثر مما أظهرت."
عاد دانيلز إلى الحلبة بعد أشهر، وحقق انتصارين، قبل أن يواجه في مارس 1997 الملاكم الفرنسي لوران بودواني، الذي هزم فاسكيز لاحقًا.
قال:
"بدأ بودواني يستحوذ على النزال في الجولة العاشرة، واستخدم قوته لإرجاعي إلى الوراء. لم يهيمن كليًا، لكنهم منحوه الفوز بالنقاط. أعتقد أنه تفوق علي بنقطة أو اثنتين، وكان النزال أقرب مما أظهرته البطاقات."
بعد انقطاع دام 15 شهرًا، عاد دانيلز إلى الحلبة ونجح في إحراز لقب USBA في وزن 154 رطلًا، قبل أن يصعد إلى وزن المتوسط. وفي ديسمبر 2000، خاض نزالًا إقصائيًا مؤهلًا للقب الاتحاد الدولي للملاكمة (IBF)، وتفوّق فيه على براين باربوسا بقرار إجماعي بعد 12 جولة.
قال:
"كنت الطرف غير المرشح للفوز، إذ كان من المفترض أن يواجه برنارد هوبكنز، لكنني قلبت التوقعات وتغلبت عليه."
اضطر دانيلز إلى الانتظار عامًا لمواجهة برنارد هوبكنز، الذي شارك وفاز ببطولة الوزن المتوسط التي نظمها دون كينغ، بعد أن هزم كيث هولمز وفيلكس ترينيداد.
قال دانيلز:
"اتصل بي دون كينغ على عَجَل وقال: ’إما أن تأخذ النزال أو أخسرك فرصة اللقب.‘ لم أكن مستعدًا تمامًا، لكنني وافقت. لم أكن في كامل لياقتي، وهوبكنز كان في أوج عطائه. حاولت أن أقدم ما بوسعي."
وأضاف:
"كان متفوقًا علي، ولم أتمكن من فرض أسلوبي. اتفقت مع مدربي على إنهاء النزال، لأن العودة لم تكن ممكنة."
بعد ذلك، تحوّل دانيلز إلى دور "بوابة العبور" أمام الملاكمين الصاعدين، حيث بات يخسر أكثر مما يفوز، وسجل هزائم أمام أسماء بارزة مثل تشاد داوسون (بالضربة القاضية الفنية في الجولة السابعة) وآندي لي (بالضربة القاضية في الجولة الثالثة).
قال بصراحة:
"لم أعد أملك نفس الشغف، كنت أقاتل فقط لتغطية نفقاتي. بقيت لفترة أطول مما يجب."
خسر 14 من آخر 15 نزالًا خاضها، واعتزل في أغسطس 2009.
"سئمت من خوض نزالات لمجرد البقاء، دون طموح. قررت أن أترك الحلبة وأبحث عن عمل، وأنا راضٍ. لم أعانِ من أضرار عقلية، أفكر بوضوح، لذا خرجت في الوقت المناسب."
حاول لاحقًا تدريب الشباب في صالة رياضية، لكنه قال:
"كان من الصعب تحفيزهم. لا يمكنك إجبارهم، يجب أن يكون لديهم الدافع من أنفسهم. لم تنجح التجربة بالنسبة لي."
ورغم أنه لم يعد مرتبطًا بالملاكمة، إلا أن مدينته لم تنسه.
"لا زال الناس يتذكرونني. أعتز بمسيرتي، خصوصًا أنني كنت بطلًا للعالم. أحصل على التهاني وأوقع التواقيع من وقت لآخر. أنا بخير."
دانيلز، البالغ اليوم 53 عامًا، لديه أربعة أبناء ويعيش في سانت لويس ويعمل في مجال النقل المنزلي.
أفضل من واجههم كارل دانيلز في 10 فئات
أفضل جاب (اليد الأمامية):
تشاد داوسون: "كان طويل القامة وكان من الصعب تجاوز ضرباته."
أفضل دفاع:
تيري نوريس: "كان يصد الضربات ويرد بسرعة."
أفضل حركة قدمين:
راي كولينز: "حركة سريعة وسرعة يد لا بأس بها."
أسرع يدين:
نوريس: "يداه سريعتان وكان يملك قوة أيضًا."
الأذكى تكتيكيًا:
برنارد هوبكنز: "كان يتمتع بمهارات تقنية عالية، يعرف كيف يحمي نفسه ببراعة ويُعقّد مهمة الوصول إليه. شعرت بالتوتر أمامه، وهذا ما أفقدني تركيزي وأخرجني من أجواء النزال."
الأقوى بدنيًا:
لوران بودواني: "ملاكم عنيد، كان أكبر حجمًا مني واستمر بالضغط، وبرز بين عدد من الخصوم الأقوياء."
أفضل تحمل للضربات :
نوريس: "أصبتُه ضربات قوية في الذقن فقال لي: ’تضرب كأنك فتاة!‘ رغم أني ضربته بقوة."
الأقوى في الضرب:
بودواني: "ضرباته قوية وأسقط بها فاسكيز، لم يسقطني، لكنني لم أتمكن من الصمود أمامه لفترة طويلة."
أفضل مهارات شاملة:
هوبكنز: "ملاكم تقني جدًا، يصعّب عليك توجيه الضربات."
الأفضل على الإطلاق:
هوبكنز: "كان الأكثر تكاملًا. أنا أعسر، وعادةً أضرب باليد اليمنى، لكنه كان يرفع يده اليسرى عاليًا ويمنعني من الوصول. كان بارعًا في التحرك للأمام والخلف."
يمكن توجيه الأسئلة والتعليقات إلى الكاتب أنسون وينرايت عبر البريد الإلكتروني: elraincoat@live.co.uk
أو عبر منصة X: