مانشستر، إنجلترا – أصبح بإمكان
جوشوا بواتسي الآن أن يتطلع إلى فرصةٍ جديدة على لقبٍ عالمي في فئة الوزن الخفيف الثقيل، بعدما تغلّب بصعوبة على
زاك باركر في نزالٍ مثير أُقيم داخل صالة "كو أوب لايف" في مانشستر.
بعد عشر جولاتٍ فوضوية ومتكافئة، خرج بواتسي بفوزٍ هشٍ ومثيرٍ للجدل بقرارٍ بالأغلبية، إذ رأى كثيرون من الحاضرين أن باركر قدّم أداءً أفضل وكان الأجدر بالفوز.
وفي فبراير الماضي، خسر بواتسي (20 انتصارًا مقابل هزيمة واحدة، منها 13 بالضربة القاضية) سجله المثالي ولقب المجلس العالمي للملاكمة (WBO) المؤقت في فئة الوزن الخفيف الثقيل، وذلك أمام كالوم سميث في الرياض، السعودية.
ورغم أن تلك المواجهة وُصفت بأنها من أكثر نزالات عام 2025 حماسةً وإثارة، فإنها لم تُبدّد مرارة الهزيمة في نفس حامل البرونزية الأولمبية لعام 2016.
بعد أن استوعب صدمة الهزيمة، عاد بواتسي (32 عامًا) إلى التدريب المكثّف، وبعد انتهاء عقده مع شركة Boxxer، قرر الانضمام إلى “كوينزبيري بروموشنز” لبدء مرحلة جديدة في مسيرته.
ورغم أنه تمكن من العودة بانتصارٍ على باركر (26 فوزًا – هزيمتان، 18 بالضربة القاضية)، إلا أن أداؤه المتواضع ترك وراءه أسئلة أكثر مما أجاب عنها.
بدت الجولة الأولى متقطعة الإيقاع مع تفوّق طفيف لبواتسي، الذي أظهر تفوقًا بدنيًا واضحًا.
لكن أبرز ضربةٍ في الجولة جاءت من باركر، إذ وجّه لكمةً علوية باليمنى أطاحت بواقي الفم من فم خصمه، في لقطةٍ لافتة.
بالنسبة إلى باركر، فقد كان هذا النزال الأهم في مسيرته منذ عام 2022، حين أجبرته إصابةٌ في اليد على الانسحاب من نزال لقب WBO المؤقت في وزن السوبر متوسط أمام جون رايدر بعد أربع جولات فقط.
وكان من الضروري للملاكم المنحدر من ديربي، البالغ من العمر 31 عامًا، أن يجتاز المراحل الأولى بثقة، وقد تحقق له ذلك بفضل أسلوبه القائم على الحركة السريعة، والضربات المنفردة، ثم الإمساك لتقييد بواتسي — وهي استراتيجية أثبتت فعاليتها في بداية النزال.
لم يتمكن بواتسي من فكّ شفرة باركر في الجولات الوسطى، وتلقى عدة ضرباتٍ يمينية قوية في الجولة الرابعة، لكن تفوّقه البدني بدأ يظهر تدريجيًا، إذ سقط باركر مرارًا أثناء الالتحامات، وبات عليه أن يبذل مجهودًا مضاعفًا في كل هجمة.
ومع مرور الجولات، بدا الإرهاق جليًّا على باركر، وتحول النزال إلى مواجهةٍ فوضويةٍ كثُرت فيها الالتحامات والتشابكات.
أما بواتسي، فعلى الرغم من تقدّمه، فقد واجه صعوبة في توجيه ضرباتٍ دقيقةٍ أو متتالية أمام خصمٍ مراوغٍ اكتفى بالضربات المنفردة قبل أن يلجأ إلى التشبّث أو التحرك السريع لتفادي الخطر.
وفي الجولة الثامنة، بدت علامات الإحباط جليةً على وجه بواتسي، بينما كان باركر يسقط مجددًا أرضًا. ورغم ذلك، لم يُبدِ بواتسي رغبةً حقيقية في حسم النزال، مكتفيًا بملاحقة خصمه وتوجيه ضرباتٍ غير دقيقة وسط الالتحامات المتكررة.
كان غياب المجموعات الهجومية (Combination Punching) واضحًا من الطرفين منذ البداية.
ورغم أن باركر استنزف قدرًا كبيرًا من طاقته في التحرك الدائم، فإنه واصل توجيه ضرباتٍ منفردة إلى الجسد، وأحيانًا يمينياتٍ عالية تجاوزت الحاجز الدفاعي لخصمه.
ومع انطلاق الجولة الأخيرة، بدا واضحًا أن زاوية باركر تعتقد أنها على وشك تحقيق مفاجأة كبيرة، بينما لم يُظهر بواتسي الإحساس نفسه بالإلحاح أو الرغبة في الحسم.
وانتهت الجولة الأخيرة كما بدأت — باهتة ومتقطعة الإيقاع.
استمر النزال حتى النهاية، وذهب القرار إلى بطاقات الحكام، الذين منحوا جوشوا بواتسي الفوز بقرارٍ بالأغلبية (Majority Decision):
95-95 (تعادل)
96-94
96-94
وبذلك، خرج بواتسي بفوزٍ مثيرٍ للجدل، حافظ من خلاله على آماله في العودة إلى دائرة المنافسة على الألقاب العالمية، غير أنه لم يُقنع الجماهير ولا النقاد بأدائه داخل الحلبة.