السعودية، قاعة ANB ARENA – يقال إن الانتقام يُقدَّم باردًا، وديمتري بيفول أثبت ذلك بعد أن صمد أمام العاصفة ليحقق انتصارًا شجاعًا بقرار الأغلبية على أرتور بيترفبييف، معادلًا السلسلة بينهما بانتصار لكل منهما، ومانحًا نفسه لقب بطل العالم دون منازع في الوزن الثقيل الخفيف، مما يمهد الطريق لنزال ثلاثي بعد نزال أخر حُسم بقرار الحكام بعد 12 جولة كاملة.

سجل الحكم جان روبرت لين النزال بالتعادل 114-114، بينما منحه كل من مايك فيتزجيرالد (112-116) وديون دوارتي (113-115) لصالح بيفول، ليُلحق بالملاكم الروسي-الكندي بيترفبييف أول هزيمة في مسيرته الاحترافية بعد 12 عامًا دون هزيمة.

رفع بيفول رصيده إلى 24 انتصارًا مقابل هزيمة واحدة، من بينها 12 فوزًا بالضربة القاضية، بينما تلقى بيترفبييف هزيمته الأولى بعد 21 انتصارًا، 20 منها بالضربة القاضية.

بدأ بيفول النزال بقوة كما وعد، لكنه واجه خصمًا عنيدًا في بيترفبييف، الذي دخل المواجهة بثقة أكبر بعد أن تمكن من هزيمة بيفول في مواجهتهما الأولى في أكتوبر، رغم أنه لم يكن في أفضل حالاته حينها.

ومع ذلك، ظل بيترفبييف ثابتًا في وسط الحلبة، مستهدفًا الجسد بلكماته، بينما واصل بيفول التحرك حوله قبل أن يطلق سلسلة من أربع لكمات متتالية، أشعلت حماس الجماهير في الدقيقة الأخيرة من الجولة الأولى.

في الجولة الثانية، استمر نفس السيناريو، حيث كان بيفول يوجه وابلًا من اللكمات إلى دفاع بيترفبييف المنيع، الذي واصل التقدم للأمام، محاولًا ضربه بيسراه قبل أن يضاعف هجومه باليد اليمنى. ومع ذلك، كان بيفول مستعدًا للرد أثناء تراجعه الدفاعي.

وجه بيفول لكمة أمامية قوية لفتت انتباه بيترفبييف قبل 75 ثانية من نهاية الجولة الثانية، حيث ظل يتأرجح بين الدفاع و الهجوم.

كشفت الإعادات بين الجولات عن نجاح بيفول في اختراق دفاع بيترفبييف، لكنه بدأ الجولة الثالثة في وضع دفاعي واضح، حيث كثف بيترفبييف هجماته على الجسد وقلل المسافات بسرعة. رغم ذلك، ثبت بيفول قدميه ووجه سلسلة من خمس لكمات قرب الحبال، قبل أن يحاول بيترفبييف الرد بيمناه التي مرت بفارق ضئيل، ليستمر التبادل الناري بينهما.

كان بيفول يطلق سلسلة من خمس إلى ست لكمات متتالية، لكن بيترفبييف كان يوقف اندفاعه سريعًا بيمناه القوية، قبل أن يشتعل النزال بتبادل عنيف بينهما في آخر 20 ثانية من الجولة الثالثة المثيرة.

بدا أن بيفول قد تأثر بضربة في نهاية الجولة الثالثة، ولم يكن قد استعاد تركيزه الكامل مع بداية الرابعة، حيث واصل بيترفبييف هجماته مستخدمًا الضربات العلوية ، والتي كانت فعالة حتى لو تم صدها. في هذه الأثناء، ظهر جرح تحت عين بيفول اليمنى، مما أجبره على البحث عن رد مناسب.

لكن التحدي كان كبيرًا، حيث قدم بيترفبييف أقوى جولة له حتى الآن، وواصل ضغطه المستمر في الجولة الخامسة، مما دفع بيفول إلى زيادة حذره والاحتماء أكثر مما كان يرغب.

سدد بيترفبييف ضربة علوية أجبرت بيفول على خفض دفاعه للحظة، وهي الفرصة التي استغلها البطل المخضرم، البالغ من العمر 40 عامًا، لشن هجوم أكثر فاعلية، كما فعل مع خصومه السابقين. لكن هذه المرة، كان يواجه خصمًا يماثله في القوة .

في الجولة السادسة، عاد بيفول إلى استخدام اللكمة الأمامية في محاولة لاستعادة السيطرة، وواصل توجيه ضربات متتالية كلما سنحت له الفرصة. لكن كل هجمة ناجحة من بيفول كانت تدفع بيترفبييف لمواصلة الضغط، خاصة مع استمرار تأثير يده اليمنى القوية.

اتبعت الجولة التالية نفس النمط، حيث حصل بيفول على بعض الهدوء النسبي مع تباطؤ وتيرة الهجوم من كلا الملاكمين ، رغم أنه أفلت من ضربة غير محسوبة بينما كان بيترفبييف يتقدم، في واحدة من أفضل لحظاته خلال الجولة.

لم تكن لكمات بيفول المتتالية تصيب هدفها بدقة، لكن ذلك لم يهم الجماهير، التي لم تكن تبحث عن نزال من طرف واحد. واصل بيفول تقديم أداء مميز أثناء التراجع، لكن بيترفبييف أنهى الجولة المتكافئة بقوة.

إذا كان بيفول قد استعاد إيقاعه في الجولة الثامنة، فإن الجولة التاسعة شهدت استمرار النسق نفسه، حيث اكتسب دفعة معنوية إضافية من الجماهير التي كانت تدعمه بقوة.

سواء كانت لكماته تصيب الهدف بدقة أم لا، فإن مجرد الإحساس بسيطرته كان كافيًا لإشعال حماس الجماهير، التي ترقبت تحولًا جديدًا في مسار النزال، تمامًا كما حدث في لقائهما الأول. ومع ذلك، كان على بيفول تقديم المزيد.

اتضح ذلك في الجولة العاشرة، عندما وجه بيترفبييف ضربة مبكرة إلى الجسد، ليرد بيفول سريعًا بثلاث هجمات متتالية في منتصف الجولة المتكافئة.

إلا أن بيفول وجد نفسه مجددًا في موقف دفاعي، متراجعًا تحت وابل من اللكمات القوية باليد اليمنى. ومع دخول النزال جولتيه الأخيرتين، بدأ الجميع يتساءلون عن تقييم الحكام، خاصة بعدما أنهى بيترفبييف الجولة العاشرة بقوة، محاصرًا خصمه عند الحبال.

الجولة الحادية عشرة كانت متقاربة أيضًا، حيث بدت لكمات بيفول أكثر جاذبية للجماهير، لكن بيترفبييف واصل التقدم بلا اكتراث، وكأنه لم يعد يمنح خصمه نفس مستوى الاحترام الذي أظهره في السابق.

مع ذلك، شن بيفول سلسلة من الضربات في وقت مبكر من الجولة الأخيرة، لكن بيترفبييف قابله بنفس الحدة، متقدمًا عبر الحلبة و مواصلاً الضغط الثابت لكن الفعّال، مما أجبر بيفول على توجيه هجماته على شكل دفعات قوية.

استهدف بيترفبييف الرأس ثم الجسد، بينما كانت يده اليمنى مستعدة لتوجيه ضربة حاسمة. في تلك اللحظات، رفع فريق بيفول أيديهم احتفالًا، رغم أن ملامحه لم تعكس ثقة كاملة. لكنه كان قد قدم ما يكفي لانتزاع الفوز.