بوينس آيرس – الأرجنتين

لا يكتمل مشهد الوداع قبيل خوض معركة مصيرية من دون مظاهر الدعم الجارف للبطل المكلف برفع راية الوطن. والجماهير الأرجنتينية عُرفت عبر تاريخها بشغفها العارم وحماسها الأسطوري في مؤازرة أبطالها والالتفاف حولهم.

فرناندو "بوما" مارتينيز، الذي نشأ في ظلال ملعب "بوكا جونيورز" الأسطوري في بوينس آيرس، يعرف جيدًا وقع التشجيع الصاخب الذي يقدمه جمهور "لا 12" (اللاعب رقم 12 كما يلقبون أنفسهم) لفريقهم كل أسبوع. وقد أراد أن ينقل شيئًا من تلك الأجواء إلى جلسة تدريب مفتوحة داخل واحد من أكبر المراكز التجارية في المدينة.

وبفضل شعبيته المتنامية، وحضور مروّجه الشهير والبطل السابق ماركوس "تشينو" مايدانا، نجح مارتينيز في استقطاب آلاف الجماهير إلى مركز "أباستو" التجاري يوم الاثنين، حيث خاض حصة تدريبية قصيرة على حلبة نُصبت في ساحة الطعام. وقد نال مبتغاه من تفاعل الجمهور قبل سفره إلى لاس فيغاس لاستكمال معسكره الأخير قبل مواجهة جيسي "بام" رودريغيز في السعودية يوم 22 نوفمبر.

قال مارتينيز (34 عامًا) بعد التدريب الذي تخلله نزال استعراضي مع معلمه مايدانا:

"أردت أن يتعرف الناس عليّ أكثر، أن أجلب الملاكمة إلى الناس وأُشعرهم أن لديهم بطلًا كبيرًا وأن الأرجنتين ستكتب التاريخ بهذا النزال. أردت أن أُريهم أن الملاكم الأرجنتيني قادر على حصد عدة ألقاب وتحطيم كل الأرقام، تمامًا كما فعل ميسي في كرة القدم. أنا سعيد جدًا بكل هذا الحب، إنه شعور رائع."

وأضاف:

"أريد المجد تمامًا مثل ميسي. أريد أن أحصد الأرقام القياسية مثله. نحن نستعد لجلب هذا الانتصار إلى الأرجنتين."

المجد الذي يتحدث عنه "بوما" يتجسد في إمكانية جمع ثلاثة من الأحزمة الأربعة الكبرى في وزن السوبر بانتام (أحدها بحوزته، واثنان لدى رودريغيز) إضافة إلى حزام ذا رينج المرموق الذي يحمله رودريغيز بعد فوزه على خوان فرانسيسكو إسترادا عام 2024.

وتابع مارتينيز عن احتمال الفوز بحزام ذا رينج:

"سيكون الأمر مؤثرًا للغاية بالنسبة لي. لقد نشأت على مشاهدة فيلم ’روكي‘، وكنت أحلم دائمًا بهذا الحزام. والآن أصبح في متناول يدي وهذا يسعدني جدًا. أعلم أن ’بوما‘ سيزأر في السعودية، وسأعيد الحزام معي إلى الوطن."

لكن خلف هذه الأجواء المبهجة، كان الألم حاضرًا في الفريق بعد الفقدان المفاجئ لمخطط النزالات في شركة مايدانا، غوستافو "بيليتا" غوميز مايدانا، الذي توفي مؤخرًا تاركًا أثرًا عميقًا في المعسكر.

رفع الحاضرون لافتة كبيرة تحمل اسمه، وارتدى مارتينيز قميصًا يخلّد ذكراه، مؤكدًا أن هذه الخسارة جعلته أقوى:

"لقد كان طريقًا صعبًا. الله يضع في طريقنا اختبارات تجعلنا أكثر قوة. فقدت والدي، ثم أخي العام الماضي، والآن صديقًا عظيمًا وعضوًا في الفريق. عندما توفي والدي أردت أن أترك كل شيء، لكن والدتي وأخي ومدربي رفعوني مجددًا، وقالوا لي إن عليّ أن أحقق حلم والدي. واليوم حققت ذلك الحلم، لكنني ما زلت أحلم أيضًا. الحياة تستمر، وهذه الخسائر تجعلنا أصلب، ونعرف أن بيليتا أعطى كل ما لديه من أجلنا، ونحن نقاتل الآن لأجله أيضًا."

وبينما استلهم قوته من ذكرى صديقه الراحل، وجّه مارتينيز رسالة قوية لمنافسه رودريغيز:

"أنت لم تواجه ملاكماً مثلي من قبل. ستصطدم بجدار. كن حذرًا جدًا فوق الحلبة."

ورغم نبرته التحدّية، أظهر مارتينيز احترامًا كبيرًا لإنجازات خصمه:

"هذا سيكون واحدًا من أصعب النزالات في مسيرتي. أعلم أنه يملك قوة كبيرة في اللكم، لكنه ليس بخبرتي. لدي سنوات طويلة من الاحتراف، وخضت نزالات أمام وحشين كبيرين في هذا الوزن، بطَلين سيطرا طويلًا، وهما جيروين أنكاجاس وكازوتو إيواكا. خبرتي ستجعلني أتفوّق عليه، سأمطره باللكمات وأغلق فمه."