كانت الملاكمة الفرنسية في حالة تدهور منذ سنوات، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى نقص المواعيد التلفزيونية، خاصة بعد انسحاب قناة "بلس" من الساحة في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية.

ومع أن بعض الشباب اتجهوا إلى رياضات أخرى، لا سيما كرة القدم، إلا أن فرنسا لا تزال تمتلك مواهب واعدة في الملاكمة، غير أن الفرص المتاحة لهم نادرة. ومن بين هؤلاء الملاكمين الذين يأملون في إعادة أمجاد الملاكمة الفرنسية، يأتي اسم باكاري سماكي.

سيخوض الملاكم البالغ من العمر 21 عامًا، في وزن المتوسط الخفيف، نزالًا من 12 جولة أمام روارك ناب، وذلك في عرض يُبث مباشرة على قناة RMC Sport TV.

الحدث سيكون مميزًا، إذ يتكون من نزال ملاكمة واحد فقط، لكنه سيتقاسم الأضواء مع نجم الراب الفرنسي الشهير جازو، يوم الجمعة، في صالة لا ديفونس أرينا بباريس.

قال سماكي (17 انتصارًا، دون هزائم، منها 9 بالضربة القاضية) لمجلة ذا رينج من خلال بابتيست ديسبوا:

"سيكون لحظة تاريخية لأن مثل هذا الحدث، بهذه التركيبة، لم يحدث من قبل وربما لن يحدث مجددًا. أنا فخور جدًا بالتواجد مع جازو لأنني صديق مقرب له، وأرى أن هناك صلة بين رياضات القتال والفنانين الموسيقيين. أنا متحمس جدًا لهذا المشروع."

ومن المتوقع حضور ما بين 30 إلى 40 ألف متفرج في أكبر ساحة مغلقة في أوروبا ليلة النزال، لكن سماكي يذهب من أجل العمل.

"تحضيري كان جادًا للغاية. أجريت معسكر تدريب جيد في لاس فيغاس لمدة شهر. هذه خامس مرة أذهب فيها إلى فيغاس، وأصبحت الآن أكثر راحة. أنا 'الفرنسي' هناك. في البداية لم يكن أحد يعرفني، أما الآن، فقد أصبحوا يعرفونني."

خلال وجوده في لاس فيغاس، خاض سماكي تدريبات مع عدد من الأسماء الكبيرة مثل براين ميندوزا، فرناندو فارغاس جونيور، آرون وستيف ماكينا، تروي إيزلي وتيم تسزيو، مما ساعده في الاستعداد لمواجهة خصمه الجنوب إفريقي.

"إنه ملاكم جيد. سأضع عليه ضغطًا وأنتظر اللحظة المناسبة. لا أرى أمامه سوى خيار واحد وهو التراجع إلى الخلف، وهذا هو السيناريو الوحيد الذي أرى النزال يسير فيه."

بعيدًا عن أضواء لاس فيغاس، كانت بدايات سماكي متواضعة، حيث نشأ في أوبرفيلييه، وهي ضاحية شمال شرقي باريس.

في طفولته، جرّب رياضات متعددة مثل كرة السلة، السباحة، وهوكي الجليد، قبل أن يتجه إلى الملاكمة بمساعدة والده عيسى، الذي رأى في هذه الرياضة وسيلة لتطوير شخصية ابنه.

قال الأب:

"لاحظت أن باكاري لم يكن اجتماعيًا في المدرسة. ظننت أن الملاكمة قد تساعده على تكوين صداقات واكتشاف نفسه الحقيقية. الملاكمة ساعدتني في تشكيل شخصيته الحالية."

خاض سماكي 34 نزالًا في الهواة، خسر منها 5 فقط، وقرر التحول إلى الاحتراف في سن مبكرة، لكنه اصطدم بعائق قانوني وجائحة كورونا.

"قررت مع والدي أن أصبح محترفًا. وبما أنني كنت في الـ17 من عمري، لم يكن مسموحًا لي النزال في فرنسا، فذهبت إلى لوكسمبورغ وبدأت مسيرتي هناك، ثم عدت إلى فرنسا بعد أن بلغت 18.

استغلينا فترة جائحة كورونا لتكثيف تدريباتي البدنية، لأننا لم نكن نعلم ما الذي قد يحدث في المستقبل."

ومنذ ذلك الحين، لم يتراجع الثنائي، بل واصل التقدم بثبات. وحقق باكاري انتصارات مميزة على خصوم صعاب مثل:

لوكاس باستيدا (فوز بقرار جماعي من 10 جولات)

أحمد الموسوي (فوز بقرار جماعي من 10 جولات)

خوليو ألاموس (فوز بقرار جماعي من 10 جولات)

وايد ريان (فوز بالضربة الفنية القاضية في الجولة 7)

"هذا النزال منحني الكثير من الخبرة لأن وايد ريان كان أكبر سنًا وخصمًا ماكرًا. كنت واثقًا من نفسي قبل النزال، وكنت محقًا."

يشرف والده على تدريبه وترويجه، ويضعان سويًا خطة طموحة للمستقبل.

قال الأب:

"هدفنا هو أن يحصل باكاري على فرصة للقب عالمي قبل عام 2027. نطمح أن يكون أصغر فرنسي يفوز بلقب عالمي. النزال القادم اختبار جيد وسيوضح مستوى باكاري، خاصة أن خصمه يتمتع بخبرة وقوة.

إذا نجح، فأنا واثق أنه قادر على هزيمة جميع الملاكمين في وزن 154 رطلاً، رغم أنه لا يزال بحاجة لاكتساب الخبرة. النزال القادم سيكون فصلًا جديدًا ويفتح له الأبواب نحو العالم. حاليًا، باكاري غير معروف عالميًا، لكن بعد هذا النزال سيعرفه الجميع وسيدركون إمكانياته، وسيتفاجأون."

أما خصمه، روارك ناب (17 فوزًا، هزيمتان، تعادل واحد، 12 انتصارًا بالضربة القاضية)، فقد بدأ مشواره الاحترافي في 2016 وهو في الـ18 من عمره.

فاز في 9 من أول 10 نزالاته، مع تعادل وحيد، قبل أن يُهزم بالضربة القاضية في الجولة السابعة أمام براندون ثايس، لكنه عاد وانتصر عليه بقرار منقسم في نزال الإياب.

صعد لاحقًا إلى المستوى الدولي وحقق انتصارات على:

دانتي جاردون (قرار جماعي من 10 جولات)

أحمد الموسوي (قرار جماعي من 10 جولات)

بشيما زيسك (ضربة قاضية فنية في الجولة 5)

كان من المقرر أن يواجه جوش كيلي في ديسمبر 2023، لكن إصابة حالت دون ذلك. وبعد عودته، خسر أمام المكسيكي خورخي غارسيا بيريز (ضربة قاضية في الجولة 3)، لكنه استعاد توازنه بفوز لاحق.