لندن – قدّم آرون ماكينا أفضل أداء في مسيرته الاحترافية حتى الآن، عبر عرض فني متكامل أمام بطل العالم السابق ليام سميث، محققًا بذلك أكبر انتصار له حتى اللحظة.
دخل ماكينا، البالغ من العمر 25 عامًا و المُلقب بـ"الصامت"، إلى شمال لندن بسجل ناصع (19 انتصارًا دون هزيمة، منها ضربة قاضية واحدة)، لكنه كان لا يزال يفتقر إلى الأداء الذي يضع اسمه تحت الأضواء. و قد تحقق له ذلك مساء السبت على أرض ملعب توتنهام هوتسبير، الذي امتلأ بالجماهير حين أسقط سميث في الجولة الأخيرة، معززًا فوزه الكبير.
وقف المخضرم سميث، بطل العالم السابق في وزن السوبر-ويلتر بتصنيف WBO، مصفقًا أثناء إعلان بطاقات الحكام التي جاءت كلها لصالح ماكينا: 108-119، 109-117،و 108-118.
و رغم معاناته من جرح فوق عينه اليمنى طوال أغلب فترات النزال، رفض سميث الاستسلام، مؤكدًا مكانته كأحد أبرز رموز الملاكمة البريطانية الحديثة. لكن في نهاية المطاف، اصطدم الملاكم البالغ من العمر 36 عامًا (سجله الآن 33 انتصارًا – 5 هزائم – 1 تعادل، مع 20 انتصارًا بالضربة القاضية) بخصم شاب بدا عازمًا على فرض نفسه كقوة حقيقية في فئة الوزن المتوسط.
اتضحت ملامح النزال مبكرًا، إذ اعتمد ماكينا على الملاكمة من المسافة البعيدة، مستفيدًا من جابه الطويل و الحاد، الذي كان يطلقه أحيانًا في لكمات مزدوجة أو ثلاثية. و لمزيد من التنوع، لجأ أحيانًا إلى تغيير وقفته إلى اليسرى (ساوث بو) خلال جولة افتتاحية اتسمت بالثقة و الارتياح.
أما سميث، فحافظ على وضعية دفاعية صارمة مع يدين مرفوعتين و مرفقين محكمين، محاولًا التقدم للأمام لتضييق المسافات، لكنه غالبًا ما كان يُواجَه بوابل من اللكمات المستقيمة.
كان سميث قد وصف ماكينا بأنه "شاب قوي"، و توقع أن يتمكن من السيطرة في الجولات المتأخرة. غير أن الواقع جاء عكس ذلك؛ إذ بدا ماكينا أكثر ثقة و ثباتًا مع مرور الجولات، و بدأ يستخدم يده الخلفية بمهارة أكبر، مسددًا ضربات أبر كات كلما اقترب سميث.
في منتصف الجولة الخامسة، تعرض سميث لجرح غائر فوق عينه اليمنى نتيجة تصادم عرضي للرؤوس، مما أدى إلى تدفق الدم بغزارة. دفعه ذلك إلى تصعيد وتيرة الضغط، غير أن ماكينا تعامل بذكاء، مواصلًا مراوغاته و ضرباته المستقيمة الحادة حتى نهاية الجولة.
تمكن مدرب سميث، راسل أنبر، من أداء عمل مميز في السيطرة على النزيف بين الجولات، مما سمح لسميث بمواصلة القتال. و رغم أن الحكم جون لاثام وجه إنذارًا لماكينا بسبب استخدامه للساعد في الجولة السادسة، إلا أن ذلك لم يؤثر على تفوقه الواضح.
تمسك سميث بإصراره ورفض التراجع أو الانكسار، لكنه بدا وكأنه يطارد طيف ماكينا الذي كان يناور ببراعة من زاوية إلى أخرى. وكانت الجولة الثامنة علامة فارقة لماكينا، حيث أمطر خصمه بالعديد من الضربات المستقيمة المدوية، سواء من الوضعيتين اليمنى و اليسرى.
خاض سميث أول نزال له منذ هزيمته بالضربة القاضية أمام كريس يوبانك جونيور في سبتمبر 2023، و أظهر صلابة ذهنية لافتة رغم التفوق الواضح لماكينا. بل بدأ الجولة العاشرة بنهج هجومي، محاولًا محاصرة ماكينا على الحبال، غير أن الأيرلندي أبدى جاهزية كاملة، و رد على سميث بالمثل، و تبادلا اللكمات في مركز الحلبة في واحدة من أشرس جولات النزال.
على الرغم من اندفاع سميث المتأخر، لم يتمكن من تغيير مجرى النزال. تمسك ماكينا بخطته بصرامة دون أن يرتكب أخطاء، و ختم الأداء برائعته في الجولة الأخيرة حين أسقط سميث بضربة قاضية مذهلة إلى الجسد.
جاءت اللكمة على شكل هوك يساري مثالي إلى منطقة الكبد، أطاحت بسميث أرضًا، قبل أن ينهض بتأنٍ من على ركبته. و رغم السقوط، استعاد سميث شجاعته و عاد للهجوم، مواصلًا النزال حتى جرس النهاية، فيما كان ماكينا يثبت انتصاره الكبير رسميًا.