شيفيلد، إنجلترا — بدأ
أرسلانبيك مخمودوف النزال مهاجمًا منذ اللحظات الأولى، متجاوزًا بعض المواقف الخطرة، لينتزع في النهاية فوزًا واضحًا بالنقاط بعد 12 جولة على حساب البريطاني
ديف ألين مساء السبت، فاتحًا الباب مجددًا أمام فرصٍ على المستوى العالمي بعدما وجّه نداءً علنيًا لمواجهة أنطوني جوشوا عقب النزال.
جاءت بطاقة الحكم بوب ويليامز (111–115) الأقرب بين الحكام الثلاثة، في حين منح جان روبير لاين (110–116) وبافل كارديني (109–117) التفوق الأوسع لمخمودوف، الذي قدّم أداءً منضبطًا رغم خصم نقطتين منه بسبب الإمساك المفرط في الجولتين السابعة والثانية عشرة من قبل الحكم ستيف غراي.
أبدى مخمودوف (21 فوزًا، منها 19 بالضربة القاضية، مقابل هزيمتين) سعادته الكبيرة بخوض أول نزالٍ له على الأراضي البريطانية، بعدما خاض تجاربه الاحترافية في أكثر من 20 دولة دون أن تطأ قدماه المملكة المتحدة من قبل. و جاءت مشاركته أمام 9 آلاف متفرج في صالة يوتيليتا أرينا وكأنها لحظة رمزية بامتياز؛ جمهورٌ متعطّش للدماء يأمل أن يرى العملاق الروسي–الكندي ينهار مجددًا، كما حدث له في العامين الماضيين أمام منافسين أقوى.
أما ديف ألين (24 فوزًا، 8 هزائم، وتعادلان – 19 بالضربة القاضية) فقد انقسمت الآراء حوله خلال مسيرته، لكنه هنا حظي بتأييدٍ واسع. فمجرد تصدّره للحدث الرئيسي على بُعد 20 ميلًا فقط من مسقط رأسه في دونكاستر
يُعد إنجازًا بحد ذاته في هذه المرحلة من مسيرته.
كان بإمكان فوزٍ كهذا أن يُنعش مسيرة ألين ماليًا ومعنويًا بعد ما مرّ به في السنوات الأخيرة، لكن الحلم لم يتحقق.
التزم ألين بخطته في البداية أمام خصمٍ خطيرٍ يتقدّم بلا هوادة، مطلقًا يميناته القوية والعشوائية التي أرهقته مبكرًا، لكن الضغط لم يتراجع لحظة واحدة.
في الدقيقة الثانية من الجولة الافتتاحية، وجّه مخمودوف سلسلةً من اللكمات الصاعدة تلاها يمينيةٌ ثقيلة ارتسم أثرها سريعًا على وجه ألين الذي احمرّ بفعل اللكمات، فيما مضى “الأسد” الروسي يستهدف الرأس والجسد بثقةٍ وثبات، غير مكترثٍ بهتافات الجمهور البريطاني التي تعالت دعمًا لملاكمهم ، ذلك الرجل الذي راودته فكرة الاعتزال أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.
ورغم هزيمته ، أكّد ألين بعد النزال أنه لن يعتزل، موضحًا أنه ما زال قادرًا على المنافسة على مستوى اللقب البريطاني وربما في فئةٍ أقل وزنًا، رافضًا فكرة أن تكون هذه نهاية مسيرته بعد تلك الحفاوة الجماهيرية.
بعد مرور ثلاثين ساعة فقط على تشييع الأسطورة ريكي هاتون، غيّرت الجماهير كلمات هتافه الشهير وردّدَت بصوتٍ واحد: «هناك ديف ألين واحد فقط»، في مشهدٍ مؤثّر داخل قاعة يوركشير المشتعلة حماسًا بنزالٍ لم يكن أحد ليتوقّعه قبل عامٍ واحدٍ فقط.
غير أن الأجواء العاطفية لم تُجدِ نفعًا داخل الحلبة؛ إذ واصل مخمودوف إطلاق يميناته الثقيلة، بينما تقدّم ألين بشجاعة إلى الأمام متلقّيًا مزيدًا من العقاب، قبل أن يردّ بضربةٍ منخفضةٍ متعمّدةٍ نحو الجسم في منتصف الجولة الثانية، أجبرت الحكم على إيقاف النزال مؤقتًا. وبعد استئناف النزال ، عاد مخمودوف ليمطر خصمه بوابلٍ من اللكمات القوية وسط قلقٍ متزايدٍ من الجماهير التي بدأت تدرك تفوّق الضيف شيئًا فشيئًا.
في الجولة الثالثة، لم يلحظ الحكم ستيف غراي ضربةً منخفضة جديدة من ألين، فاحتجّ مخمودوف دون جدوى. استغل البريطاني اللحظة ليعمل في المسافات القصيرة، لكن اللكمة اليمينية الروسية القوية بقيت سلاحًا فتاكًا لا يُخطئ هدفه.
حاول ألين، الأقصر قامةً، أن يُبقي التبادل في المسافات القريبة لإرهاق خصمه البالغ من العمر ستةً وثلاثين عامًا، غير أن ذلك كان أيسرَ قولًا منه فعلًا.
ركّز ألين على الجسم أثناء الاشتباكات، بينما بدا مخمودوف مرتاحًا، يتحكم في وتيرة النزال ويُبقي منافسه في مدى لكماته الطويلة. ومع ذلك، كلما اقترب ألين بجسده إلى صدر خصمه، أصبح التبادل أكثر خشونة، إذ لجأ إلى ما يُعرف بـالقتال القريب الخشن محاولًا تعطيل تفوّق الروسي البدني والفني.
وفي تعليقٍ من صديقه وزميله السابق
جاك كاتيرال، الذي كان يتابع النزال من الولايات المتحدة، أشار إلى أنّ ألين بحاجةٍ إلى زيادة نسق أدائه، إذ كان — رغم تمتّعه بلياقةٍ أفضل — متأخرًا بأربع جولات مقابل لا شيء على بطاقات الحكام ، مع دخول الجولة الخامسة التي كانت الأفضل له حتى تلك اللحظة.
حذّر الحكم مخمودوف مجددًا من الإمساك المفرط، فيما استغلّ ألين الفرصة داخل القتال القريب ليُقدّم أفضل لحظاته في النزال عبر لكمتين صاعدتين باليد اليمنى أربكتا الملاكم الأطول وأشعلتا حماس القاعة، لتعود الجماهير إلى الإيمان ببطلها المحلي.
غير أنّ البريطاني لم يُحسن استثمار الزخم في الجولة السادسة، إذ اكتفى بمبادلاتٍ محدودة، بينما بدا مخمودوف أكثر راحةً إلى جوار ركنه، يختار توقيت لكماته بدقّةٍ وهدوء. ومع مرور الوقت، بدأت آثار الضرر التراكمي تظهر على ألين رغم بعض اللمحات الدفاعية الجيّدة التي قدّمها في الثواني الأخيرة من الجولة.
خصم النقاط لم يُضعف مخمودوف

كانت أعلى هتافات الجولة السابعة في القاعة لا علاقة لها بلكمةٍ وُجّهت أو تبادلٍ هجومي، بل انطلقت حين أشار الحكم ستيف غراي إلى خصم نقطة من مخمودوف بعد تكرار الإمساك والمخالفات. ورغم أنّ الجولة كانت تميل في مجملها لصالح الملاكم الروسي–الكندي، فإنّ الجماهير البريطانية احتفلت بهذا “الانتصار الصغير” وسط أجواءٍ مشحونةٍ بالتوتّر والحماس في نزالٍ تتعلّق به رهاناتٌ كثيرة.
ومع مرور الوقت، ازدادت ثقة مخمودوف بنفسه، بينما واصل ألين التقدّم بخطواتٍ بطيئة، ليصبح هدفًا سهل المنال، في حين واصل الملاكم الروسي–الكندي تفكيك دفاعه تدريجيًا بضرباتٍ محسوبة وصبرٍ واضح. وفي الجولة التاسعة، حدث مشهدٌ غريب حين سقط واقي الأسنان من فم مخمودوف، فتوقّف النزال لوقتٍ أطول من المعتاد، مما أتاح لألين فرصة لالتقاط أنفاسه، قبل أن يوجّه ضربةً يمينيةً مباشرة أعادت إليه بعض الأمل وأشعلت القاعة من جديد.
صرخ المروّج إيدي هيرن أمام شاشته: «أطلق يديك!»، وما هي إلا لحظات حتى وقف على قدميه متحمّسًا بعدما نجح الملاكم المحلي أخيرًا في تحقيق بعض النجاح الملموس الذي يمكن البناء عليه. ومع بداية الجولة العاشرة، تدخّل الحكم مجددًا للفصل بين الملاكمين أكثر من مرة، فيما واصل الضيف تسجيل النقاط بلكماتٍ قصيرة دقيقة في المسافات القريبة، بينما حاول ألن استعادة تفوقه المؤقت وانتظار اللحظة المناسبة للهجوم.
ضغط ألين على مخمودوف للحظاتٍ وجيزة عندما حاصره على الحبال، لكن الحكم أوقف التبادل سريعًا. وفي الجولة الحادية عشرة، استعان مخمودوف باللكمة الأمامية (الجاب) لاستعادة توازنه وفرض إيقاعه من جديد، بينما ردّ ألين بين الحين والآخر بلكماتٍ صاعدةٍ وخطافيةٍ، غير أنّها لم تكن كافية لقلب الموازين في جولةٍ كان بأمسّ الحاجة إلى الفوز بها.
دخل الملاكمان الجولة الثانية عشرة وألين يعلم أنه متأخرٌ بوضوح على بطاقات الحكام ، لكنه لم يتراجع. استهلّ مخمودوف الجولة بلكماتٍ صاعدة قوية في بداية التبادل، فيما دوّى من ركنه نداء: «أظهر رجولتك!». وردّ ألين بثلاث ضرباتٍ متتالية داخل الاشتباك، لكنّه سرعان ما تراجع تحت وابلٍ من اليمينات الثقيلة، قبل أن يعود للهجوم بمزيجٍ قصيرٍ من اللكمات قرب الحبال.
وقبل نهاية الجولة بدقيقة، خصم الحكم نقطة أخرى من مخمودوف بسبب الإمساك الزائد، بينما اندفع ألين بكل ما تبقّى لديه من طاقة مطلقًا اللكمات العشوائية الثقيلة في محاولةٍ يائسة لإنهاء النزال بقوة.
لكن ذلك لم يكن كافيًا. وبعد نهاية الجولة الأخيرة، تقبّل ألين النتيجة بروحٍ رياضية عالية، خلال مقابلةٍ مؤثرة أكّد فيها أنه “قدّم كل ما يملك”، قائلاً إنّه لا يندم على شيء. فـفي عالم الملاكمة، لا يكفي أن تكون الأفضل تكتيكًا، بل أن تُقاتل حتى النهاية — وهو ما فعله ألين، فاستحق احترام الجمهور الذي لن ينسى هذه الليلة.
أما مخمودوف، فبات بإمكانه الآن التفكير في نزالاتٍ أكبر على المستوى العالمي، فيما لا يزال الأمل قائمًا أمام ألن رغم الهزيمة ، لأن الأداء الذي قدّمه كان كفيلًا بإبقاء اسمه حاضرًا بين جماهير الملاكمة البريطانية.
النتائج الكاملة للبطاقة:
بلال فواز (قرار أغلبي 10 جولات – 95–96، 95–95، 94–96) يفوز على جونايد بوستان – لقب إنجلترا في وزن المتوسط الخفيف
جوش بادلي (قرار إجماعي 10 جولات – 92–99، 93–97، 93–97) يفوز على ريس بيلوتي – لقب WBA الدولي في وزن الخفيف
حمزة أُدين (ضربة قاضية فنية الجولة الخامسة – 2:17) يفوز على بول روبرتس – لقب إنجلترا في وزن الذبابة
وزن فوق الخفيف: إبراهيم سليمان (نقاط 8 جولات – 80–72) يفوز على جيمس شيريجي
وزن خفيف الثقيل: كونر تودسبري (ضربة قاضية فنية الجولة الرابعة – 0:58) يفوز على خالد جرايديا
وزن الويلتر الخفيف: جو هاورث (نقاط 6 جولات – 53–60) يفوز على كارل سامبسون
وزن الويلتر : جو هايدن (نقاط 6 جولات – 54–60) يفوز على أنجلو دراغوني