أمضى
آرتشي شارب سنوات في انتظار فرصة تغيير المسار – لكنها لم تأتِ أبدًا.
ففي نوفمبر من عام 2019، دخل اسم شارب ضمن الخمسة الأوائل في تصنيف منظمة الـWBO لوزن الريشة الثقيل الخفيف. وبعد عامين فقط، اعتلى صدارة التصنيف العالمي.
لكن الصبر – وإن عُدّ فضيلة – لم يجلب للبالغ من العمر 30 عامًا سوى التراجع؛ إذ إن انتظاره الطويل لنزال اللقب العالمي جعله يبتعد شيئًا فشيئًا عن دائرة المنافسة.
وفي يوليو الماضي، قرر شارب أخيرًا كسر دائرة الانتظار.
مدركًا أن حلم اللقب بات بعيد المنال، وأنه بحاجة لإنتصار كبير لإبقاء اسمه على الساحة، خاطر شارب بمركزه الثالث في التصنيف، وقَبل مواجهة الموهوب
رايان غارنر. ولكن الأمور لم تسر لصالحه، وخسر بالنقاط بقرار إجماعي.
وفي وقت سابق من هذا العام، اضطر شارب للإنسحاب من
نزال عودته أمام ليام ديلون – الذي كان من المقرر أن يقام على هامش أمسية نزال غارنر على لقب أوروبا في بورنموث – بسبب المرض. وبينما كان في طريقه للساحل الجنوبي لتقديم تغطية إعلامية لأحداث الأسبوع، تلقى اتصالًا غيّر كل شيء.
لم يتردد لحظة، ووافق فورًا.
ومع استعداده لمواجهة أول خصم من الطراز العالمي، سيخوض شارب (30 عامًا) أيضًا أول نزال رسمي له في وزن 135 رطل. لكنه لا يُبدي قلقًا، بل يرى في ذلك فرصة لإثبات أن هذا هو الوزن الطبيعي الذي كان يجب أن ينافس فيه منذ زمن.
وقال شارب في تصريحات لـ"
ذا رينج":
"أنا مؤمن تمامًا بأن كل شيء يحدث لسبب. عليك أن تثق بالرحلة. كل شيء يتعلق بالتوقيت."
وأضاف: "كنت أعاني كثيرًا في وزن 130 رطل. كنت أعلم ذلك منذ وقت طويل، لكنني تمسكت بالأمل لأن اسمي كان يُطرح دائمًا مع كبار الأسماء –
شاكور ستيفنسون، أوسكار فالديس – بفضل تصدّري لتصنيف الـWBO على مدار عامين."
قال شارب: "كنت فقط أرغب في الفوز باللقب العالمي ثم الانتقال إلى وزن الخفيف. كان هذا هو المخطط. لكن نزال غارنر حدث، وسار كما سار، ثم صعدت لوزن الخفيف".
وأضاف: "جلست حائرًا قليلًا، أتساءل عمّا سيأتي بعد ذلك، وفجأة أسمع أن هيوز يبحث عن خصم. وخلال 12 ساعة فقط، كانت الأمور محسومة وموقّعة ومنتهية. أنا مستعد للإنطلاق".
مرّت أكثر من ست سنوات منذ بدأ شارب سلسلة انتصارات لافتة على الساحة المحلية، قادته تدريجيًا إلى قمة تصنيف الـWBO، بفضل مزيج من الأداء القوي وتخطيط إداري ذكي.
ويرى البعض أن شارب أطال البقاء في الإنتظار، متمسكًا بفرصة كانت تتلاشى ببطء، ولكن في الوقت ذاته، لا يمكن إنكار أن السياسة المعقدة في عالم الملاكمة – التي ساعدته في الوصول – هي نفسها من أعاقت تقدمه لاحقًا.
وعلى عكس كثير من الملاكمين الذين يعودون إلى المنافسات المحلية بعد إخفاقاتهم على المستوى الأعلى، كان استياء شارب من مواجهتي غارنر وديلون نابعًا من شعوره بأنه لم يُمنح أبدًا الفرصة الحقيقية لاختبار مستواه أمام خصوم من النخبة.
لكن قبوله مواجهة هيوز أعاد له شرارة التحدي التي كانت قد خمدت.
يقول: "مدربي ريتشارد [سووير] قال لي قبل أيام: لم أرَ هذا الحماس فيك أو هذا المعسكر منذ نزالنا أمام ليون وودستوك".
"كان ذلك في 2018، وكانت أول مواجهة على لقب، وضعت اسمي على الخارطة، وكنت غير مرشح للفوز تمامًا كما هو الحال الآن. أعتقد أن نسب الرهان هي نفسها – 4 إلى 1 لصالح الخصم".
ويضيف بثقة: "كما قلت، كل شيء يحدث لسبب. في نظري، هذا هو وقتي. بلغت الثلاثين للتو، وأشعر أنني في أفضل حالاتي".
"أرغب في التواجد بين الكبار، وماكسي هيوز هو من نوعية الخصوم الذين يشعلون حماسك للإنطلاق. أعلم أن عليّ أن أكون في قمة تركيزي. لا يمكنني الاعتماد على الموهبة وحدها. يجب أن يكون كل شيء محسوبًا".
وفي المقابل، يعيش
ماكسي هيوز فترة انتعاشة متأخرة في مسيرته، بعدما كان يبدو أنه يقترب من الاعتزال.
فرغم بلوغه 35 عامًا، أصبح من الأسماء الثابتة في مقدمة تصنيفات وزن الخفيف عالميًا. ورغم الخسارة القاسية التي تلقاها أمام حامل لقب الـWBC المؤقت،
ويليام زيبيدا، في مارس 2024، عاد بقوة واستعرض أفضل مستوياته على الإطلاق عندما أطاح بالخطير غاري كولي في ديسمبر الماضي.
ويكن شارب الكثير من الاحترام لهيوز، سواء لقدراته الفنية أو طريقته الذكية في إدارة النزال، لكنه أيضًا يقدّر إصراره على البقاء في دائرة المنافسة رغم الصعاب، حتى شق طريقه إلى المواجهات الكبرى.
ويعتقد شارب أن أسلوبه سيكون مختلفًا تمامًا عما اعتاد عليه هيوز، ويؤمن بأن سر تفوقه سيكون في إرغام هيوز على استخدام قدميه بنفس القدر الذي يستخدم فيه دماغه.
يقول شارب: "أنا من المعجبين بماكسي منذ فترة طويلة. أراه ملاكمًا رائعًا، و ذكيًا. ولهذا السبب بالذات عليّ أن أكون في أفضل حالاتي".
ويضيف: "لا أعتقد أنه واجه خصمًا يملك نفس السرعة والحركة والنهج غير التقليدي مثلي. أغلب خصومه كانوا بنفس الأسلوب".
"غاري كولي مثلًا، كان طويل القامة، أعسر، وتقدّم بشكل مباشر على هيوز. بالغ في التقدم على قدمه الأمامية، وظل يطارده، فكان يتلقى الضربات في كل مرة. وهنا يتميز ماكسي كثيرًا".
"من وجهة نظري، هذا النزال مثالي لأظهر فيه بأفضل شكل ممكن. ماكسي يُعتبر خصمًا صعبًا في وزن الخفيف والجميع يتجنبه. لو تمكّنت من هزيمته بشكل مقنع، فهذا يضعني مباشرة ضمن النخبة".