بيلي ديب كان ملاكمًا مميزًا مثّل نفسه وبلده بأناقة، وحقق لقبًا عالميًا، لكن ما جعله يدخل قلوبنا مؤخرًا هو شجاعته في التغلب على معركته مع السرطان.

وُلد ديب، الطفل الخامس من بين سبعة، لأبوين مهاجرين من أصول فلسطينية/لبنانية في سيدني، أستراليا. كانت حياته صعبة منذ البداية، لكنه أظهر قلب المقاتل حتى قبل أن يخطو إلى الحلبة.

قال ديب لمجلة ذا رينج : "وُلدت مصابًا بالربو. كنت أعاني من نوبات شديدة عندما كنت صغيرًا. وأخبرتني عائلتي أنني قضيت وقتًا في الحاضنة ولم تستطع والدتي أخذي إلى المنزل مباشرة. لقد واجهت صعوبات منذ البداية، ولهذا يقول الناس إن لديّ روح المقاتل منذ الطفولة."

"نشأت كأي طفل عادي. كانت هناك أوقات ممتعة، لكن الشجارات كانت كثيرة في المنزل. الفيلم رقم واحد في بيتنا كان روكي. حرص والدي على أن يؤمّن لنا كل ما نحتاج إليه — كنا نتغذى جيدًا، نرتدي ملابس أنيقة، ونُربّى على الأخلاق الحميدة."

وكالكثيرين، استخدم ديب الملاكمة ليتجاوز التنمّر الذي تعرض له.

قال: "كنت أتعرض للتنمّر في المدرسة، وقرر والدي أن يُسجلني في نشاطات بعد المدرسة. وجدت الملاكمة بالصدفة. كنت ألعب دوري الرجبي، لكن المدرب لاحظ موهبتي عندما استخدم بعض القفازات، وقال لي: 'يجب أن تذهب إلى صالة الملاكمة'. ومن هناك بدأت الرحلة. دخلت الصالة، وشعرت أن هذا هو قدري."

بدأ الملاكمة في سن 12، لكنه خالف القانون إذ كان السن القانوني في أستراليا هو 14. عدّل شهادة ميلاده ليتمكن من المنافسة، وخاض نزالات ضد خصوم أكبر سنًا حتى كُشف أمره، واضطر للتوقف لعام.

وعند عودته، حصد ألقاب الولايات، ثم ثلاثة ألقاب وطنية، ومثّل أستراليا في بطولة العالم للناشئين في كوبا، وبطولة العالم للشباب في المجر عام 2002، ثم شارك في بطولة العالم في تايلاند 2003.

كان يطمح للمشاركة في أولمبياد أثينا 2004، لكن حادث دراجة نارية منعه من خوض التصفيات. عُرض عليه تمثيل لبنان، لكنه قال: "أردت ذلك، لكن والدي قال: 'لبنان لم يفعل لنا شيئًا، أستراليا أعطتك كل شيء. إذا أردت الذهاب للأولمبياد القادمة، انتظر أربع سنوات أخرى، أو تحوّل للاحتراف'."

في تلك المرحلة، قرر طلب المشورة من قدوته: نُسيم حميد.

قال: "كنت أشاهد فيديوهاته باستمرار، وكان مصدر إلهام كبير لي. وعندما سنحت الفرصة للقاءه وأنا بعمر 17، اتصل بي شخصيًا وسافرت إلى بريطانيا لألتقي به. أصبح بمثابة مرشد لي."

في أغسطس 2004، وبعد سجل هاوٍ بلغ 98 فوزًا مقابل 15 هزيمة ، قرر الانتقال إلى الاحتراف، وظهر لأول مرة على بطاقة نزال بول بريغز ضد ستايب دريوس. حصل حينها على 3000 دولار أسترالي، وحقق أرباحًا من بيع الطاولات ورعاية محلية، ليجمع نحو 7000 دولار.

بعد سلسلة من 13 فوزًا، انضم ديب إلى غولدن بوي بروموشنز عام 2006، وشارك في بطاقات ضخمة مثل نزال فلويد مايويذر ضد أوسكار دي لا هويا، وميغيل كوتو ضد شين موسلي.

واجه زولاني مارالي في يوليو 2008، وتعرض لسقوط في الجولة الثالثة، لكنه فاز بقرار إجماعي بعد 12 جولة شاقة. قال: "قلت للناس إنني مستعد للموت داخل الحلبة، ووضعت كل شيء على المحك."

هذا الفوز أهّله لمواجهة الملاكم الأمريكي المهاري ستيف لوفانو، وذلك ضمن نزال كبير جمع كيلي بافليك وبرنارد هوبكنز في أتلانتيك سيتي. لكن ديب خسر تلك المواجهة بقرار إجماعي بعد 12 جولة. عقب تلك الهزيمة، أعاد هيكلة برنامجه التدريبي تحت إشراف المدرب بيلي حسين، ونجح في تحقيق 10 انتصارات متتالية، ليصبح المصنّف الأول عالميًا. كان من المفترض أن يواجه ميكي غارسيا على لقب الاتحاد الدولي للملاكمة، بعد تجريد يوريوكيس غامبوا من اللقب، لكن غارسيا فضّل التوجه نحو خيارات أخرى، ليواجه ديب بدلًا منه المكسيكي خورخي لاسيرفا، ويتمكن من التغلب عليه بسهولة."

دافع لاحقًا عن لقبه أمام ألبرتو سيرفيدي (بالضربة القاضية في الجولة الأولى) ثم أجبر إدواردو إسكوبيدو على الانسحاب بعد الجولة السادسة.

لاحقًا، دخل ديب في شراكة واعدة مع نجم الموسيقى 50 سنت وبطل الملاكمة فلويـد مايويذر، لكن خلافًا علنيًا بين الثنائي أدى إلى تجميد مسيرته وتعطيل نزالاته لفترة طويلة. وقال ديب: "كنت في حالة إحباط، وغاضبًا من 50 سنت، ثم خضت نزالًا ضد إيفغيني غرادوفيتش، وكان متقاربًا جدًا، لكنني خسرت بقرار منقسم."

في نزال الإعادة ضد غرادوفيتش على بطاقة باكياو - ريوس، خسر ديب بالضربة القاضية في الجولة التاسعة. قال: "كنت محطمًا، لم أعد نفس الشخص."

بعد عدة أشهر، عاد وحقق ثلاثة انتصارات، ثم واجه تاكاشي ميورا في مايو 2015 وهو يعاني من كسر في الضلع وكسر في اليد اليسرى. قال: "حاولت حماية ضلعي، لكنه التقط الإشارة وضربني بيسراه وأسقطني أرضًا، ثم ضربني مرتين وأنا أسقط، مما أيقظني مجددًا."

وفي عام 2015، فقد زوجته بعد معركة مع السرطان.

عاد ديب إلى الحلبة وحقق انتصارات عدة، ثم واجه تيفين فارمر على لقب الاتحاد الدولي في سيدني عام 2018 وخسر بقرار إجماعي. قال: "رسالة النزال كانت أنني رغم كل ما مررت به، عدت للمنافسة على القمة."

لاحقًا، خاض نزالًا ضد أمير خان في السعودية، بوزن الويلتر، وهو أعلى بكثير من وزنه الطبيعي، وخسر بالضربة القاضية في الجولة الرابعة.

بعد عدة انتصارات في أستراليا، كان في محادثات لمواجهة جورج كامبوسوس، لكن جلسة تدريبية غيرت حياته.

قال: "أصبت بضربة في البطن أثناء التدريب، شعرت بألم شديد. ذهبت للمستشفى ولم يجدوا شيئًا في البداية. في اليوم التالي عدت في ألم شديد، وأظهر الفحص إصابتي بسرطان القولون."

أزال الورم، لكنه اكتشف لاحقًا أنه مصاب أيضًا بسرطان الغدد اللمفاوية (بيركيت).

قال: "كان هناك اقتباس على السبورة البيضاء في المستشفى كتبه شقيقي: 'انهض، لأن ليث يحبك' – وهي جملة مقتبسة من فيلم روكي. في كل مرة كنت أشعر أن المرض يهزمني، كنت أُمسك بالهاتف وأسجّل رسائل مصوّرة لابني. السرطان كان ينتصر عليّ في جولات كثيرة، لكن التفكير في ابني كان يمنحني الدافع للنهوض من جديد."

خضع للعلاج لمدة ستة أشهر، فقد شعره، عانى من صداع دائم وآلام مبرحة. لكن في مارس 2023، أعلن شفاؤه الكامل من السرطان.

قال: "الملاكمة تنقذ الكثير من الأرواح، لكنها أنقذت حياتي حرفيًا."

لا يزال ديب (48 انتصارًا، منها 27 بالضربة القاضية، مقابل 6 هزائم) نشطًا في عالم الملاكمة، حيث يتولى إدارة أعمال اثنين من الملاكمين، كما عمل في مجال التعليق على النزالات. وقد خاض نزالًا استعراضيًا خلال مؤتمر المجلس العالمي للملاكمة عام 2024.

اليوم، ديب البالغ 39 عامًا متزوج مجددًا، لديه ابن، ويعيش في سيدني. أطلق علامة ملابس خاصة به تُدعى Billyve.

ثم تحدّث لمجلة ذا رينج عن أفضل من واجههم عبر 10 فئات:

أفضل جاب: ستيف لوفانو – "كان أعسرًا، وجابه كان رائعًا."

أفضل دفاع: تيفين فارمر – "لا يمكنك أن تصيبه حتى بحفنة من الأرز."

أفضل حركة قدمين: فارمر – "كان يعرف المسافة، ويعرف كيف يتحرك."

أسرع يدين: أمير خان – "بلا شك، رغم أنه لم يصبني كثيرًا، لكن سرعته كانت كالرصاص."

الأذكى: تيفين فارمر – "ذكاؤه في الحلبة كان مذهلًا."

الأقوى جسديًا: زولاني مارالي – "كان قويًا جدًا بدنيًا، كالثور."

أفضل تحمل للضرب: إيفغيني غرادوفيتش – "ضربته بقنابل ولم يتراجع."

الأقوى في الضرب: تاكاشي ميورا – "ضربني بيسراه، فقدت الوعي، ثم أيقظني وهو يُكمل الضرب."

أفضل مهارات: إدواردو إسكوبيدو – "مدرسة ناتشو بيرستين، دفاع ممتاز، تقنية رائعة."

الأفضل إجمالًا: أمير خان – "في جوانب عدة، كان مذهلًا. تمتّع بسرعة خارقة وقلبٍ قتالي من الدرجة الأولى؛ كلاهما يستحق تقييم +A."

للأسئلة أو الملاحظات يمكنكم التواصل مع أنسون على البريد: elraincoat@live.co.uk أو على X

@AnsonWainwr1ght.