تاريخ الملاكمة مليء بالانتصارات التي تحققت بعد تأخر كبير، وقد قدّم فابيو ووردلي ليلة السبت مثالًا كلاسيكيًا حقيقيًا على هذا النوع من الانتصارات، عندما أسقط جاستيس هوني بقوة في الجولة العاشرة، رغم تأخره على بطاقات الحكام الثلاث. وقال هوني لاحقًا بأسى: "هذه هي الملاكمة".

ومع أن الغبار لا يزال ينقشع عن ملعب بورت مان رود، ومع ما قد يعنيه هذا الفوز بالنسبة لمشهد الوزن الثقيل الأوسع، نُلقي نظرة على بعضٍ من أبرز الانتصارات الخاطفة في تاريخ هذه الرياضة.

بعد فوزه بلقب المجلس العالمي للملاكمة (WBC) للوزن فوق المتوسط الشاغر أمام جان باسكال في ديسمبر 2008، عبر كارل فُروتش المحيط الأطلسي لخوض أول دفاع له عن اللقب أمام البطل السابق بلا منازع، جيرمين تايلور.

لكن الأمور لم تسر كما خطط لها البريطاني، حيث سقط في الجولة الثالثة وكان متأخرًا بنتيجة 106-102 على بطاقات الحكام الثلاث قبل بدء الجولة الثانية عشرة. ومع ذلك، خرج "الكوبرا" بعزيمة في الدقائق الثلاث الأخيرة، وضغط بشراسة حتى نجح في تحقيق إيقاف مستحق قبل 14 ثانية فقط من نهاية النزال.

تبدو تلك الـ14 ثانية وكأنها دهرٌ كامل مقارنةً باللحظة المتأخرة جدًا التي حسم فيها تشافيز المواجهة أمام تايلور في نزال "الرعد ضد البرق".

كان تشافيز متأخرًا على اثنين من بطاقات الحكام وكان على وشك أن يخسر سجله الخالي من الهزائم والذي دام طويلًا، بالإضافة إلى لقبه العالمي في وزن الـWBC للوزن الخفيف المتوسط.

ولكن قبل نهاية النزال بـ15 ثانية فقط، أسقط تشافيز تايلور بلكمة يمينية قوية.

تايلور، المنحدر من فيلادلفيا، نهض بصعوبة على قدميه وكان يبدو مؤكدًا أنه سيصمد حتى سماع الجرس الأخير.

لكن، قبل نهاية النزال بثانيتين فقط، قرر الحكم ريتشارد ستيل إيقاف النزال، في واحدة من أكثر اللحظات إثارة للجدل في تاريخ الملاكمة.

وقال ستيل: "لا يهمني الوقت. عندما أرى رجلًا قد نال كفايته، سأوقف النزال."

ماذا يقولون عن أفضل الخطط الموضوعة؟ حسنًا، كان الكوبي هورتادو على وشك أن يفسد النزال الكبير المرتقب لوويتكر مع أوسكار دي لا هويا، إذ أسقط "سويت بي" في الجولة الأولى وتقدم على جميع بطاقات الحكام.

لكن ومع أن النزال بدا وكأنه يفلت من بين يديه، حاصر ويتكر "بلاك موني" على الحبال وأطلق سلسلة من 10 لكمات يسارية متتالية دون رد، ما أجبر الحكم على إيقاف النزال، بينما سقط هورتادو إلى الخلف من خلال الحبال. حصل ويتكر على نزاله الكبير مع دي لا هويا بعد ذلك بثلاثة أشهر فقط، لكنه خسر بالنقاط.

المتحدي صاحب السجل 34-1 "روكي" هيرنانديز بدا وكأنه في طريقه لتحقيق الفوز في نزاله على لقب الوزن الريشة التابع للمجلس العالمي للملاكمة (WBC) ضد فوستر. مثل هوني في الليلة السابقة، كان هيرنانديز قد بنى تقدماً مريحاً على بطاقات الحكام الثلاث، بل إن أحد الحكام منحه جميع الجولات الإحدى عشرة قبل دخول الجولة الأخيرة.

كان مطلوباً من هيرنانديز شيئاً واحداً فقط — أن يصمد على قدميه ليحسم اللقب العالمي — لكن فوستر كان لديه خطط أخرى. أسقط فوستر هيرنانديز بعد دقيقة و45 ثانية من بداية الجولة، ثم انقضّ عليه لإنهاء النزال. جاءت ضربة قاضية أخرى مع دخول الجولة الدقيقة الأخيرة، وواصل فوستر ضغطه الشديد، ما أجبر الحكم هيكتور أفو على إيقاف النزال قبل 22 ثانية من النهاية.

على الرغم من أن النقاط في هذا النزال كانت متقاربة أكثر مقارنةً ببقية النزالات في هذه القائمة، فإن العودة التي قدمها دييغو كوراليس في الجولة العاشرة من هذا النزال الشهير لتوحيد ألقاب الوزن الخفيف كانت أسطورية بحق.

كوراليس سقط أرضاً بعد ضربة يسارية قوية في بداية الجولة، وتمكن بالكاد من النهوض قبل انتهاء العد. وبعد لحظات، سقط مرة أخرى، وبدا أن الهزيمة حتمية، لكنه نهض مجدداً بعزيمة لا تُصدق.

مدربه، جو غوسين، قال عبارته الشهيرة وهو يعيد له واقي الفم: "لازم [كلمة نابية] تهاجمه الحين." وبعد لحظات، وجه كوراليس ضربتين قويتين باليد اليمنى، ووجد كاستيو نفسه في ورطة. ثم جاءت سلسلة من اللكمات القوية من كوراليس لتنهي هذا النزال الذي يصعب تصديقه بشكل قاطع ونهائي.